اقتصاد كويتي

«سيادة» صندوق سيادي جديد بالكويت.. كيف سيعمل؟

أعلنت الحكومة الكويتية مؤخرا عن برنامج عمل طموح لمدة 4 سنوات تحت عنوان «برنامج ممكنات النمو الاقتصادي المستدام»، تحدثت فيه عن دراستها تأسيس صندوق «سيادة» (Ciyada) الاستثماري السيادي في الاقتصاد الكويتي.

وهذه ليست المرة الأولى التي تبادر فيها الكويت لإطلاق صناديق سيادية، فلدى البلاد «صندوق الأجيال القادمة» الذي يستثمر أغلب أصوله في الخارج، و«صندوق الاحتياطي العام» الذي يستهدف تمويل عجز الميزانية الحكومية في سنوات العجز والحصول على الإيرادات من فوائض الميزانية في سنوات الفوائض.

وكانت للكويت الريادة في إطلاق أول صندوق سيادي في العالم وهو «صندوق الأجيال القادمة»، الذي تديره الهيئة العامة للاستثمار، ويهدف في الأساس إلى استثمار فوائض الإيرادات النفطية في كافة أنواع الاستثمارات المالية المباشرة وغير المباشرة من أجل تنمية تلك الفوائض لصالح الأجيال المقبلة التي تأتي بعد انتهاء عصر النفط.

وبالفعل، نمت تلك الفوائض حتى بلغ إجمالي قيمة الأصول التي يديرها الصندوق 803 مليارات دولار، بحسب معهد صناديق الثروة السيادية العالمية SWFI الذي يتتبع أداء الصناديق السيادية حول العالم، وتتوزع تلك الأصول جغرافيا حول العالم ويتركز أغلبها في بورصات الأسهم والسندات السيادية الأميركية وديون الشركات من التصنيفات الاستثمارية المرتفعة إلى جانب بعض الاستثمارات العقارية وحصص ملكية في عدد من الشركات.

أدوار الصناديق السيادية

وكان لصندوق الأجيال القادمة دورا في دعم الاقتصاد المحلي في الأزمات، حيث تدخل الصندوق بعد التحرير في 1990 وضخ نحو 70 مليار دولار لتغطية تكاليف إعادة التحرير والإعاشة وإعادة الإعمار وقتها. وخلال الأزمة المالية التي ضربت العالم وخاصة أسواق المال والبنوك في 2008، تدخل الصندوق السيادي عبر شراء حصص في بنوك كويتية لحماية القطاع المصرفي من الانهيار. ومع أزمة وباء كوفيد في 2020، كان دور الصندوق مختلفا، حيث تم تعليق العمل بالقانون الذي يفرض استقطاع 10% من إيرادات الدولة بغض النظر عن تحقيق عجز أو فائض.

أدوار إستراتيجية

وأما صندوق «سيادة» الجديد، وبحسب برنامج عمل الحكومة، فيهدف إلى دفع عجلة نمو الاقتصاد الكويتي وتحسين جودة الحياة وتعزيز التحول والتقدم في مجالات التنمية المختلفة وذلك عبر التخطيط الاستراتيجي والتنفيذ الفعال للمشاريع التنموية الكبرى من خلال شراكات مثمرة مع قادة الصناعة والتكنولوجيا المتطورة في القطاع الخاص محليا وعالميا، ويتم ذلك كله في إطار قوامه الحوكمة والشفافية لتحقيق التقدم والازدهار.

وتبرز 5 أدوار رئيسية للصندوق من واقع أوراق البرنامج الحكومي:

٭ ذراع تنموية لإدارة المشاريع الكبرى ومنصة للشراكة مع القطاع الخاص

٭ جذب الاستثمارات وصناعة الفرص الاستثمارية في القطاعات ذات القيمة المضافة

٭ توطين التكنولوجيا عبر شراكات عالمية مختلفة

٭ قيادة التخطيط الاقتصادي والاستراتيجي وتنفيذه

٭ خلق حوافز تدفع باتجاه تغيير نمط التفكير وثقافة الإنتاجية

أنواع الصناديق السيادية

ويقسم معهد صناديق الثروة السيادية العالمية SWFI الصناديق السيادية حول العالم إلى 5 أنواع، يستهدف ثلاثة منها تحقيق عوائد استثمارية جيدة وتوفير السيولة لاستخدامها وقت الحاجة، والنوع الرابع هي الصناديق المملوكة للبنوك المركزية التي تهدف إلى الحفاظ على رأس مال البنك واحتياطيات النقد الأجنبي للدولة، بينما يستهدف النوع الخامس «صناديق الثروة السيادية للتنمية الاستراتيجية» (SDSWF) والتي لا يقتصر هدفها على تحقيق عائد استثماري بل يمتد إلى تحقيق تنمية اقتصادية.

ووفقا لذلك التقسيم، يكون «سيادة» ضمن صناديق التنمية الاستراتيجية التي تهدف إلى تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة ستؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق عوائد من تلك الاستثمارات، علما أن برنامج عمل الحكومة لم يتطرق إلى مصادر تمويل الصندوق وكيفية إدارته ومستهدفاته من حيث العائد على الاستثمار وغيرها من الأمور التي يمكن أن تتضح مع بدء اتخاذ خطوات عملية باتجاه التأسيس.

موجة خليجية

ويظهر بشكل واضح في السنوات القليلة الماضية تركيز الصناديق السيادية الخليجية على الاستثمار محليا ودفع عجلة النمو الاقتصادي ضمن رؤى استراتيجية لتنويع الاقتصاد وخفض الاعتماد على إيرادات النفط التي عانت كثيرا من تذبذب الأسعار.

فعلى سبيل المثال، أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي عن مستهدفات واضحة لاستثماراته المحلية بحلول عام 2025 بحيث يصل حجم الاستثمارات المحلية الجديدة 150 مليار ريال (41 مليار دولار) منذ العام 2020 وخلال 5 سنوات، وأن تبلغ المساهمة التراكمية للصندوق في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي 1.2 تريليون ريال (325 مليار دولار)، ما يسمح بتوفير 1.5 مليون وظيفة في المملكة بشكل مباشر وغير مباشر خلال تلك الفترة، بحسب أحدث تقرير سنوي أصدره الصندوق على موقعه الإلكتروني عن العام 2021.

كذلك أعلن صندوق ممتلكات البحريني في مايو من العام الماضي عن استنساخ التجربة السعودية والاماراتية، بحسب ما جاء في البيان الصحافي الصادر عن الشركة وقتذاك، حيث قال إنه سيواصل الاستثمار محليا لتحقيق النمو وتطوير القطاعات الصناعية المختلفة عبر تعزيز قيمة المحفظة من خلال الملكية الفعالة.

استثمارات الصناديق العالمية

وتتباين كبرى الصناديق السيادية حول العالم في إدارة عوائد استثماراتها وإمكانية استخدامها في تمويلات عجز الميزانية أو المشروعات التنموية وغيرها. ففي النرويج، الدولة الصغيرة التي يسكنها 5.5 ملايين نسمة وتملك أكبر صندوق سيادي في العالم من حيث الأصول البالغة 1.37 تريليون دولار، لا يسمح القانون للحكومة بالحصول على عوائد من الصندوق إلا في حالة عجز ميزانية الدولة وفي نطاق محدد وبشكل غير موسع.

وتختلف المنهجية في سنغافورة، حيث يوجد صندوقان من أكبر 10 صناديق سيادية في العالم، بإجمالي أصول تتخطى التريليون دولار، حيث يحق للحكومة استخدام ما يصل إلى 50% من صافي دخل الاستثمار، وهو ما دعم ميزانية البلاد على مدى سنوات طويلة وأبعد عنها شبح عجز الميزانية منذ الأزمة المالية العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى