اقتصاد دولي

سيناريو النفط المقبل… العيون نحو 100 دولار

صعدت أسعار النفط الخام بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة، لتسجل أعلى مستوياتها في عام 2023، وأدى ذلك إلى تزايد التوقعات باحتمال استمرار ارتفاع الأسعار خلال النصف الثاني من هذا العام الذي من المتوقع أن يشهد عجزاً ضخماً في المعروض النفطي، وهو ما يعيد للأسواق سيناريو الـ100 دولار للبرميل مجدداً.

ولا تزال الدوافع الأساس التي دعمت صعود أسعار النفط الخام منذ يونيو (حزيران) الماضي قوية، إذ يحافظ تحالف “أوبك+” على قيود الإمدادات، مع زيادة تفاؤل توقعات الطلب في الصين، أكبر مستورد للنفط الخام، إضافة إلى استبعاد احتمال حدوث ركود عميق في الولايات المتحدة.

وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 60 سنتاً بما يعادل 0.65 في المئة إلى 92.664 دولار للبرميل، اليوم في حين زاد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي إلى 89.46 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، مدعوماً بإعلان السعودية وروسيا تخفيضات جديدة في إنتاجهما من النفط.

وأعلنت الرياض وموسكو، قائدتا تحالف “أوبك+”، الأسبوع الماضي، أنهما ستمددان تخفيضات طوعية للإمدادات تبلغ مجتمعة 1.3 مليون برميل يومياً.

وأعلنت السعودية تمديد خفض إنتاج النفط بمقدار مليون برميل يومياً، الذي دخل حيز التنفيذ في يوليو (تموز) حتى نهاية العام الحالي، فيما ذكرت روسيا أيضاً أنها ستقوم بتمديد تخفيضات تصدير النفط البالغة 300 ألف برميل يومياً حتى نهاية 2023.

وحققت أسعار النفط ارتفاعاً يتجاوز 25 في المئة منذ القاع المسجل في يونيو الماضي، بفضل وصول الطلب العالمي لمستويات قياسية وجهود خفض المعروض.

ويتداول خام برنت أعلى بنحو 5.5 في المئة من مستوياته في بداية العام الحالي، بعد أن كان متراجعاً في يونيو بنحو 15 في المئة مقارنة بالمسجل في أواخر العام الحالي.

عجز المعروض

في الفترة الأخيرة، تصاعدت حالة التفاؤل في سوق النفط في شأن آفاق الأسعار مع زيادة الرهانات في السوق على بلوغ سعر النفط الخام مستوى 100 دولار للبرميل، في ضوء استمرار شح الإمدادات النفطية مع عودة أسعار الخام إلى المكاسب لتسجل أعلى مستوياتها في ما يزيد على عام، بدعم من توقعات تمديد تخفيضات تحالف “أوبك+” إلى نهاية العام الحالي، ورفع بنك الاستثمار الأميركي “غولدمان ساكس” توقعاته لصعود أسعار النفط، بسبب قرار السعودية وروسيا المنسق بتمديد الخفض الطوعي للإنتاج حتى نهاية العام الحالي.

وتشير تقديرات محللي “غولدمان ساكس” إلى أن الأسواق ستواجه عجزاً في المعروض بنحو 1.8 مليون برميل يومياً في النصف الثاني وبنحو 600 ألف برميل يومياً في 2024.

بحسب تلك التقديرات، فإن السوق النفطية شهدت قفزة في الطلب العالمي على الخام في أعلى مستوى على الإطلاق عند 102.8 مليون برميل يومياً في يوليو الماضي.

تخفيضات “أوبك+”

وذكر المتخصص في الشؤون النفطية كامل الحرمي، أن تراجع إنتاج “أوبك” من النفط، مدفوعاً بالتخفيضات الطوعية الأخيرة من قبل السعودية وروسيا حتى نهاية العام لعب دوراً رئيساً في ارتفاع أسعار النفط في الآونة الأخيرة.

وأضاف الحرمي، أنه “في حال تحققت جميع توقعات زيادة الطلب إلى جانب التقارير التي تشير لانخفاض مخزونات النفط الخام في بعض الدول، يعني أن الخام قد يصل إلى 100 دولار مرة أخرى قبل نهاية العام الحالي أو خلال الربع الأول من 2024”.

وقال الرئيس التنفيذي لمركز “كوروم للدراسات الاستراتيجية” في لندن، طارق الرفاعي، إن من المتوقع أن يصل سعر برميل النفط لما فوق 100 دولار مع تجاوز سعره أخيراً مستوى 90 دولاراً لأول مرة خلال هذا العام.

وأوضح الرفاعي، أن “الارتفاع قد يكون مستداماً نتيجة توقعات زيادة الطلب على النفط، لا سيما أن السوق لم تشهد حتى الآن عودة الصين (أكبر مستورد للخام) إلى مربع الطلب القوي مجدداً”، لافتاً إلى أن “الطلب الصيني يظل معتدلاً بسبب النمو الاقتصادي الضعيف، علاوة على عوامل أخرى مؤثرة بما في ذلك ضعف الاقتصاد الأوروبي، والطلب من الولايات المتحدة، مع انخفاض المخزونات في الأخيرة، وما زلنا نرى ضعف الاقتصاد العالمي، مما يؤكد أن أي ارتفاع فوق 100 دولار للبرميل يدفع لعودة الارتفاع إلى نسبة التضخم العالية لكثير من الدول، وكذلك الضغط على النمو الاقتصادي في الدول الصناعية”.

توقعات “أوبك”

وفي تقريرها الشهري، أبقت منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” على توقعاتها لنمو قوي للطلب العالمي على النفط في 2023 و2024، وعزت ذلك لمؤشرات على أن الاقتصادات الكبرى تسجل أداء أفضل من المتوقع على رغم الظروف الاقتصادية غير المواتية مثل ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم.

وتوقع التقرير، تسجيل الطلب العالمي على النفط بمقدار 2.25 مليون برميل يومياً في 2024، مقابل نمو بمقدار 2.44 مليون برميل يومياً في 2023.

وساعد رفع الصين للقيود المفروضة للحد من تفشي جائحة “كوفيد-19” على زيادة الطلب على النفط في عام 2023، وأبقت “أوبك” على نظرة متفائلة نسبياً لعام 2024، إذ تتوقع نمواً أقوى للطلب مقارنة بتوقعات جهات أخرى مثل تلك الخاصة بوكالة الطاقة الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى