قال تقرير صادر عن شركة «كامكو إنفست» حول أداء أسواق النفط العالمية خلال شهر سبتمبر الجاري، إن أسعار النفط وصلت الى أعلى مستوياتها المسجلة في 10 أشهر مخترقة حاجز 90 دولارا للبرميل، بعد أن شهدت مكاسب متواصلة منذ الأسبوع الأخير لشهر أغسطس الماضي.
وكانت المكاسب الأولية مدفوعة بالانخفاض المستمر في مخزونات النفط الأميركية والتي وصلت إلى أدنى مستوياتها المسجلة منذ ديسمبر 2022، كما أدى انخفاض مخزون المنتجات النفطية المكررة في كل أنحاء العالم إلى تعزيز الأسعار.
وبالإضافة إلى ذلك، ساهم إعلان السعودية وروسيا المتعلق بتمديد التخفيضات الطوعية بنحو 1.3 مليون برميل يوميا حتى نهاية العام في إعطاء دفعة قوية للأسعار منذ بداية الشهر الجاري، كما أدت قرارات خفض الإنتاج الى انخفاض حاد بكميات النفط التي تم شحنها، إذ وصلت إلى 1.04 مليار برميل، فيما يعد أدنى مستوى منذ بداية أغسطس 2022، وفقا لبيانات شركة كبلر.
وعلى الرغم من المخاوف المتعلقة بالاقتصاد العام، ظل الطلب الصيني قويا، حيث ركزت البلاد مرة أخرى على ملء الاحتياطيات الاستراتيجية، بالإضافة إلى زيادة صادرات المنتجات المكررة، كما أدى انتعاش قطاع الطيران في البلاد إلى دعم الطلب على وقود الطائرات.
وبالإضافة إلى ذلك، ساهمت التوقعات بتباطؤ إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة بدعم الأسعار، حيث توقع تقرير صادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية تراجع الإنتاج للشهر الثاني على التوالي على الرغم من أن الإنتاج الشهري في الولايات المتحدة ظل مرتفعا عند 12.8 مليون برميل يوميا.
كما انعكس ارتفاع الإنتاج أيضا في أول زيادة تشهدها اعداد منصات الحفر النفطي في الولايات المتحدة منذ 13 أسبوع لتصل إلى 513 منصة خلال الأسبوع المنتهي في 8 سبتمبر 2023. إلا انه في ظل زيادة تشغيل المصافي التي تركز على التصدير في الولايات المتحدة، زادت عمليات السحب بوتيرة متواصلة من الاحتياطيات.
وكشفت بيانات أسعار النفط اليومية ارتفاع الأسعار والتي شهدت واحدة من أطول سلاسل النمو المتواصل منذ الشهر الماضي. ونتيجة لذلك، شهد المتوسط الشهري لسعر سلة نفط الأوپيك نموا شهريا للمرة الثانية على التوالي في أغسطس 2023 بنسبة 7.7% ليصل المتوسط إلى 87.33 دولارا للبرميل.
وكان نمو متوسط سعر مزيج خام برنت أقل قليلا بنسبة 7.6% ليصل في المتوسط إلى 86.1 دولارا للبرميل، بينما ارتفع سعر خام النفط الكويتي بنسبة 7.7% ليصل في المتوسط إلى 88.8 دولارا للبرميل في أغسطس 2023.
الطلب العالمي على النفط
وعلى صعيد الطلب، أدى الشعور بالتفاؤل المتزايد تجاه توقف بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والاتحاد الأوروبي عن رفع أسعار الفائدة، وفقا لاستطلاع شمل نخبة من الاقتصاديين العالميين، إلى توقعات بانتعاش الطلب على النفط بوتيرة أقوى في ظل اتجاه النمو الاقتصادي لتحقيق الهبوط الناعم في وقت لاحق من العام الحالي.
وبالإضافة إلى ذلك، ظلت واردات الصين من النفط قوية الشهر الماضي، على الرغم من إشارة بعض بيانات الاقتصاد الكلي الأخرى إلى تباطؤ وتيرة نمو الاقتصاد، وهو الأمر الذي تحاول الحكومة مواجهته من خلال الإصلاحات المختلفة التي تم الإعلان عنها مؤخرا.
كما استقرت مستويات الطلب على النفط في الولايات المتحدة خلال شهري مايو ويونيو 2023، وفقا للبيانات المنقحة الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية. إذ ارتفع الاستهلاك إلى أعلى المستويات الموسمية المسجلة خلال 5 سنوات عند 20.7 مليون برميل يوميا خلال يونيو 2023 على خلفية تزايد استهلاك سوائل الغاز الطبيعي في فصل الصيف بمستويات قياسية، وذلك على الرغم من أن الاستهلاك في قطاع النقل ظل أقل من مستويات ما قبل الجائحة.
أما على صعيد العرض، تجاهلت الأسواق التزايد المستمر لإنتاج النفط في الولايات المتحدة خلال الأسابيع القليلة الماضية، وفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية. وكشفت البيانات الأسبوعية عن استقرار مستويات الإنتاج عند 12.8 مليون برميل يوميا على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية، فيما يعد أعلى مستويات الإنتاج منذ بداية الجائحة.
كما يقترب هذا الرقم من المستوى القياسي المسجل قبل الجائحة والبالغ 13.1 مليون برميل يوميا. كما كشفت البيانات الصادرة عن شركة بيكر هيوز عن تسجيل أول زيادة لعدد منصات الحفر النفطي منذ 13 أسبوعا خلال الأسبوع الماضي.
وأيد تقرير صادر عن شركة أبحاث الطاقة ريستاد هذه الزيادة، مؤكدا أن منتجي النفط الصخري المستقلين في الولايات المتحدة رفعوا مستوى استثماراتهم لزيادة الإنتاج بأسرع معدل منذ ثلاث سنوات خلال الربع الثاني من العام 2023. إلا انه على الرغم من ذلك، قد يكون هذا الارتفاع مؤقتا، إذ تقلص إنتاج النفط الصخري بوتيرة أسرع من المتوقع، خاصة في حوض بيرميان ونيو مكسيكو، ومن المتوقع أن ينخفض الإنتاج إلى 5.8 ملايين برميل يوميا هذا الشهر ليصل إلى أدنى المستويات المسجلة منذ فبراير 2023.
في ذات الوقت، ارتفع إنتاج «أوپيك» من النفط هامشيا خلال شهر أغسطس 2023، وفقا لمصادر «أوپيك» الثانوية. وبلغ إجمالي إنتاج «أوپيك» 27.44 مليون برميل يوميا خلال الشهر، وفقا لتقرير «أوپيك» الشهري، بنمو قدره 113 ألف برميل يوميا.
وكانت هذه الزيادة ناجمة بصفة رئيسية عن زيادة إنتاج كل من إيران ونيجيريا وليبيا والعراق، وهو الأمر الذي قابله جزئيا انخفاض إنتاج السعودية وأنجولا وفنزويلا. وفي ظل استمرار خفض الإنتاج، توقع تقرير «أوپيك» الشهري أن يكون هناك فجوة في العرض تزيد على 3 ملايين برميل يوميا بالربع الرابع من 2023، والذي يعتبر أكبر عجز يتم تسجيله منذ أكثر من عقد من الزمن.
