قال تقرير صادر عن شركة «كامكو إنفست» إن الانخفاض المستمر الذي شهدته أسعار النفط منذ بداية العام الحالي وتعرضها للمزيد من التراجعات في يونيو 2023 أدى إلى ملامسة الأسعار أدنى مستوياتها المسجلة منذ ديسمبر 2021 في الأسبوع الثاني من يونيو 2023.
وجاء هذا التراجع بعد البيانات التي أشارت إلى تباطؤ الطلب على المدى القريب خاصة في الصين والولايات المتحدة ومنطقة اليورو. وأبرزت أحدث التوقعات الاقتصادية الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تباطؤ النمو في هذه المناطق ليصل نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 2.7% هذا العام، قبل أن يتحسن هامشيا العام المقبل مسجلا نموا بنسبة 2.9%.
وتعرضت أسعار النفط لهذا الانخفاض على الرغم من إعلان السعودية عن تخفيضات طوعية إضافية لحصص إنتاجها بنحو مليون برميل يوميا في يوليو 2023 سعيا منها لدعم استقرار الأسعار، وسوف تطبق المملكة تلك التخفيضات بالإضافة إلى خفض حصص الإنتاج القائمة بالفعل.
وظلت أسعار النفط أقل من 80 دولار للبرميل منذ بداية مايو 2023 مما أدى إلى تسجيل أعلى معدل تراجع شهري في 5 أشهر، إذ وصل متوسط سعر سلة نفط الأوپيك إلى أدنى المستويات المسجلة في 17 شهرا خلال مايو 2023 وبلغ 75.8 دولارا للبرميل، متراجعا بنسبة 9.9% على أساس شهري.
وكان انخفاض متوسط الأسعار الفورية لمزيج خام برنت أعلى من ذلك، إذ تراجع بنسبة 10.7% ووصل في المتوسط إلى 75.8 دولار للبرميل، بينما تراجع متوسط سعر خام النفط الكويتي بمعدل أقل قليلا بنسبة 9.7% وبلغ في المتوسط 77.4 دولارا للبرميل.
الى ذلك، توافرت العديد من الأخبار الإيجابية في السوق والتي أدت الى تعافي الأسعار. وشمل ذلك الآمال المتعلقة باعتدال وتيرة التضخم في الولايات المتحدة والذي من المتوقع أن يؤدي بدوره إلى توقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي عن رفع سعر الفائدة مما قد يدعم الطلب على النفط.
ومن جهة أخرى، ساهمت مناقصة الحكومة الأميركية لشراء 3 ملايين برميل من النفط لإعادة تعبئة احتياطي البترول الاستراتيجي و12 مليون برميل إضافية من المشتريات المخطط لها لهذا العام في دعم أسعار النفط في الولايات المتحدة. من ناحية أخرى، ورد أن الصين تخطط لتحفيز اقتصادي لزيادة الاستهلاك.
وعلى صعيد الطلب، أشارت أحدث بيانات الصادرات الصينية إلى تباطؤ إنتاج المصانع مما يشير إلى ضعف الطلب العالمي وخاصة من الأسواق المتقدمة على خلفية ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة وأوروبا. إذ تراجعت الصادرات من الصين بوتيرة أسرع من المتوقع بنسبة 7.5% على أساس سنوي في مايو 2023 بينما تقلصت الواردات بنسبة 4.5%.
وسعيا منها لمواجهة تباطؤ الطلب على الصادرات، أعلنت الحكومة الصينية عن خفض هامشي لمعدل إعادة الشراء العكسي لمدة 7 أيام بهدف تعزيز الطلب المحلي. كما ان الطلب في أوروبا خلال فصل الصيف بعد أن بلغت درجات الحرارة ذروتها في المنطقة قابله تزايد المخزونات الوفيرة في المنطقة.
وعلى جانب العرض، أثرت حرائق الغابات في كندا على إنتاج النفط الخفيف والغاز الطبيعي. فقد أظهر تقرير صادر عن شركة Rystad Energy أن ما يقرب من 0.3 مليون برميل يوميا أو ما نسبته 20% من إنتاج النفط والغاز قد يتأثر في كولومبيا البريطانية. من ناحية أخرى، كان النمو المتوقع لإنتاج النفط الصخري الأميركي متواضعا.
ومن المتوقع أن يضيف حوض بيرميان في الولايات المتحدة 767 برميل من النفط يوميا الشهر المقبل، وهي أبطأ وتيرة للنمو في المنطقة منذ فبراير 2023 نتيجة للتضخم وضغوط المستثمرين على منصات الحفر النفطي للحفاظ علي الانضباط المالي.
كما انخفض إنتاج النفط من قبل أوپيك بنحو 0.5 مليون برميل يوميا خلال مايو 2023 إلى 28.1 مليون برميل يوميا على خلفية التخفيضات الحادة التي نفذتها السعودية والإمارات والكويت، والتي قابلها جزئيا ارتفاع الإنتاج في نيجيريا.
العرض من خارج الأوپيك
تراجع الإنتاج العالمي من السوائل النفطية على أساس شهري للشهر الثالث على التوالي في مايو 2023 بعد أن شهد نموا على مدار اول شهرين من العام. ووفقا للبيانات الأولية، انخفض المعروض النفطي العالمي بمقدار 1.02 مليون برميل يوميا ليصل في المتوسط إلى 100.2 مليون برميل يوميا. ويعزى هذا الانخفاض خلال الشهر إلى تراجع إنتاج كلا من الدول الأعضاء وغير الأعضاء بالأوپيك. إذ انخفض إنتاج السوائل النفطية من خارج الأوپيك (بما في ذلك انتاج الأوپيك من سوائل الغاز الطبيعي) بنحو 0.6 مليون برميل يوميا في مايو 2023 ليصل في المتوسط إلى 72.2 مليون برميل يوميا على خلفية انخفاض الإنتاج مرة أخرى في روسيا وكندا، والذي قابله ارتفاع الإنتاج في آسيا الأخرى ودول آسيا الأوروبية الأخرى بمعدلات أعلى. كما تراجع إنتاج الأوپيك بنحو 0.5 مليون برميل يوميا مما أدى إلى وصول حصتها السوقية إلى نسبة 28.0%.
وظلت تقديرات نمو إمدادات السوائل النفطية من خارج الأوپيك للعام 2022 دون تغيير عند مستوى 1.9 مليون برميل يوميا ليصل المتوسط إلى 65.74 مليون برميل يوميا مقابل 65.76 مليون برميل يوميا وفقا لتوقعات الأوپيك السابقة. كما تم الإبقاء على توقعات العام 2023 دون تغيير على نطاق واسع بتسجيل نموا قدره 1.43 مليون برميل يوميا ليصل العرض في المتوسط إلى 67.17 مليون برميل يوميا على الرغم من الخفض الهامشي لتوقعات العرض لآسيا الأخرى وبعض الدول الأخرى، والذي قابله تعديل التوقعات الخاصة بالدول الأميركية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. كما تم رفع توقعات إمدادات الولايات المتحدة بمقدار 20 ألف برميل يوميا، بينما تم خفض توقعات كندا بمقدار 15 ألف برميل يوميا.
إنتاج الأوپيك من النفط الخام
انخفض إنتاج نفط الأوپيك للشهر الثالث على التوالي في مايو 2023 ليصل إلى أدنى مستوياته في 16 شهرا. ووفقا للبيانات الصادرة عن وكالة بلومبيرغ، بلغ معدل الإنتاج الشهري 28.3 مليون برميل يوميا في مايو 2023 مقابل 28.8 مليون برميل يوميا في أبريل 2023، أي بتراجع قدره 500 ألف برميل يوميا، فيما يعتبر أكبر انخفاض شهري في الأشهر الخمسة الماضية، وكان الانخفاض الإجمالي لإنتاج الأوپيك في الثلاثة أشهر الماضية بنحو مليون برميل يوميا. وفي المقابل، كشفت مصادر الأوپيك الثانوية عن تسجيل تراجعا هامشيا في الإنتاج بمقدار 464 ألف برميل يوميا ليصل في المتوسط إلى 28.1 مليون برميل يوميا في مايو 2023 مقابل 28.5 مليون برميل يوميا خلال الشهر السابق. وعكس انخفاض الإنتاج بصفة رئيسية التراجع الحاد لإنتاج السعودية والإمارات والكويت والجزائر، والذي قابله جزئيا النمو القوي لإنتاج نيجيريا وأنجولا وزيادة بمعدل أقل لإنتاج دول الأوپيك الأخرى.
