مختارات اقتصادية

كيف تضع الصين خططها الاقتصادية؟

ختتم اجتماع لبعض كبار السياسيين في الصين في نهاية أبريل 2023 بتقييم حذر إلى حد ما للانتعاش الاقتصادي في البلاد؛ مؤكدين أن نمو الطلب هو مفتاح الانتعاش الاقتصادي الدائم، إلا أنه ما زالت هناك حاجة ملحة لتحسين الطلب المحلي.
وكان الغرض من الاجتماع الذي عُقد في بكين، برئاسة الرئيس شي جين بينغ، هو مراجعة الأداء الاقتصادي للبلاد في الربع الأول من العام، وتحديد آلية عمل الحزب الشيوعي. وقد خلص الاجتماع إلى رسالة رئيسية هي الحاجة إلى العودة إلى السياسات الداعمة للنمو.
غني عن القول إن هذه السياسات، التي سيكون لها تأثير كبير في جميع أنحاء العالم، سيتم وضعها خلال الأشهر والسنوات المقبلة في نظام سياسي قد يبدو محيرًا إلى حد ما للبعض.
وهنا يجدر الإشارة إلى أن هناك بنى هيكلية راسخة، ومناسبات رئيسية تضع فيها الصين خططاً لمستقبلها الاقتصادي والسياسي ــ بل ومستقبل العالم في واقع الأمر. فيما يلي دليل موجز لبعض أهم الأحداث المتكررة في تقويم صنع القرار في الصين.
الدورتان:- يُقصد بالدورتين هو اجتماع الهيئة التشريعية الوطنية للصين (حوالي 3000 مندوب) كل شهر مارس لمدة أسبوعين في قاعة الشعب الكبرى في بكين لتحديد الاتجاه المخطط للسياسة الصينية.
– على سبيل المثال، بعد حدث 2019، كشفت الدورتان عن رغبة الصين في بناء بلد ابتكاري أكثر نضجًا.
– وشمل ذلك ضخّ استثمارات كبيرة في مجالات البحث والتطوير، والتركيز على تحديث الصناعات التقليدية من خلال منصات الإنترنت، وأن تصبح لاعباً دولياً رئيسياً في مجال الذكاء الاصطناعي.
– في عام 2023، كانت اللحظة الرئيسية للدورتين هي الإعلان الرسمي عن فترة ولاية الرئيس شي جين بينغ الثالثة كأمين عام للحزب الشيوعي الصيني.
– والتي كانت لحظة تاريخية، لكنها كانت متوقعة تمامًا، حيث تم الاتفاق على هذه الخطوة بالفعل في مؤتمر الحزب في أكتوبر الماضي. – وهنا يجدر الإشارة إلى أنه قد تم التلميح خلال الدورتين إلى أهمية تركيز السياسة الصينية الحالية على الاستثمار في التكنولوجيا والتنافس على استقلال الرقائق الإلكترونية الدقيقة.
الجلسات البحثية للمكتب السياسي:- يُقصد بالمكتب السياسي أو (politburo) أي الاسم الذي يطلق على الطبقة العليا من «اللجنة المركزية» للحزب الشيوعي، والتي تجتمع بشكل متكرر لاتخاذ قرار بشأن الشؤون اليومية قصيرة الأجل نسبيا. – كما يعقد كبار أعضائها السبعة اجتماعات شهرية تعرف باسم «الجلسات البحثية»، حيث يستقون الرؤى ووجهات النظر من الخبراء حول الموضوعات التي تعتبر ذات أهمية استراتيجية.
– بعد ذلك، يحدد القادة علنًا أولويات السياسة ذات الصلة. على سبيل المثال، بعد سنوات من دراسة التقنيات الجديدة لدفع السياسات الصناعية وتشجيع الاستثمار، تحول التركيز خلال إحدى الجلسات البحثية لعام 2018 إلى تطوير جيل جديد من الذكاء الاصطناعي.
– وأدى ذلك إلى زيادة ملحوظة في الاستثمار الحكومي وازدهار لشركات مثل شركة سينس تايم (Sensetime) وهي شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي، وشركة هيكفيجن للتكنولوجيا الرقمية (Hikvision) وداهوا للتكنولوجيا (Dahua).
الجلسات المكتملة:- ومن السمات الرئيسية الأخرى للتقويم السياسي الصيني هي الجلسات المكتملة (The plenums)، والتي تلي مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني.
– حيث تعقد سبع جلسات عامة، يحضرها بضع مئات من كبار مسؤولي الحزب، على مدى فترة خمس سنوات بين كل مؤتمرين، وتهدف إلى وضع رؤية موحدة للصين.
– في إحدى الجلسات المكتملة لعام 2020، تمت معالجة مشكلة عدم المساواة المتصورة في التعليم. في وقت لاحق من ذلك العام، تم اقتراح خطة تحظر بشكل أساسي قطاع التدريس الخاص بعد المدرسة.
– كان لهذا عواقب عالمية، حيث تم بين عشية وضحاها القضاء على قطاع كامل من الاقتصاد، بقيمة تقدر بنحو 150 مليار دولار أمريكي (108 مليارات جنيه إسترليني)، وإشراك العديد من شركات التكنولوجيا التي تقدم برامج لتعليم ملايين الأطفال الصينيين. – ومما له أهمية خاصة الجلسة المكتملة الثالثة، بعد عامين تقريبًا، والتي تقدم عادة الأهداف الاقتصادية والسياسية للقيادة الجديدة.
وربما كانت الجلسة المكتملة الثالثة الأكثر أهمية في عام 1993، والتي أطلقت شرارة التحول الناجح في الصين إلى اقتصاد مدفوع بالسوق.- مهدت الجلسة المكتملة الثالثة لعام 2018 الطريق لزيادة تدابير الأمن السيبراني، والتي تم تعزيزها بشكل أكبر في عام 2022، ومرة أخرى في أبريل 2023.
– بعد كل جلسة مكتملة، يتم تعميم اتجاهات بعينها (تصاغ عادة بعبارات غامضة) إلى مختلف الوزارات الحكومية.
اللجنة المركزية للشؤون المالية والاقتصادية
– يُوكل إلى هذه اللجنة مهمة تصميم توجيهات السياسة العامة، قبل تنفيذها كسياسات. وتمثل اللجنة، التي يرأسها الرئيس شي وتجتمع مرتين أو ثلاث مرات في السنة، أعلى مستوى من النقاش حول القضايا الاقتصادية.
– في أبريل 2022، على سبيل المثال، دعت اللجنة إلى استثمار أقوى في البنية التحتية لتعزيز الاقتصاد. وشملت المشاريع الرئيسية إنتاج شبكات مياه جديدة ومشاريع نقل واسعة النطاق.
– ومن المتوقع أن تقام كل هذه المشاريع في عهد شي بينما يتطلع إلى سنوات عديدة أخرى في قيادة الصين رغم تزايد التحديات.
– إذ إن الاقتصاد الناضج بعد عقود من النمو المرتفع يجلب المزيد من التحديات، وكذلك الدور المتزايد الهيمنة والوضوح الذي تلعبه الصين على المسرح العالمي.
– وستتم مراقبة كيفية تعامل شي مع هذه القضايا في مختلف تجمعات صنع القرار في حزبه بعناية من قِبل السياسيين وقادة الأعمال والمواطنين في جميع أنحاء العالم.
المصدر: ياهو نيوز

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى