أخبار عاجلة

مخصصات الديون تلتهم ثلث الميزانية الجديدة في تونس

كشفت تونس الجمعة، 23 ديسمبر (كانون الأول)، عن الميزانية المحددة لسنة 2023 عبر نشرها بالرائد الرسمي (الجريدة الرسمية)، واعتمادها من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد، والمصادقة عليها من المجلس الوزاري.

وسجلت الموازنة زيادة بنسبة 14.5 في المئة، مقارنة بميزانية 2022، حيث كشفت عن زيادة ملحوظة في المداخيل الذاتية للدولة وضغط على عجز الموازنة الذي انخفض بفارق أكثر من ملياري دينار (641 مليون دينار)، ولكن حجم حاجات التمويل بدا ضخماً لتتم تغطيته عبر خزانة الدولة المنهكة في تسديد الديون التي تحل آجالها سنة 2023.

ويستحوذ تسديد الديون على ثلث الموازنة بعد أن ارتفع حجم سداد أصل الدين بفارق تجاوز 5.7 مليار دينار (1.82 مليار دولار) مقارنة بسنة 2022، مما تسبب في زيادة حاجات التمويل التي تحتم تنمية موارد اقتراض خارجية وداخلية حددتها موازنة 2023 بأكثر من 23 مليار دينار (7.37 مليار دولار).

ورأى محللون في حديثهم إلى “اندبندنت عربية” عسر تعبئة الموارد بالنظر إلى الأبواب الموصدة للسوق المالية العالمية في وجه تونس على خلفية ترقيمها السيادي المتدني وارتفاع فوائد الاقتراض، إضافة إلى تأخر توقيع اتفاق تمويل مع صندوق النقد الدولي كفيل بإخراج البلاد من عنق الزجاجة والغموض الذي أضحى يلف الملف.

حاجات التمويل

بلغت قيمة الميزانية 69.640 مليار دينار (22.32 مليار دولار) وتتكون من النفقات التي تبلغ 53.921 مليار دينار (17.28 مليار دولار) وحاجات تسديد أصل الدين وقيمتها 15.793 مليار دينار (5.061 مليار دولار).

وتطورت الموارد الذاتية للدولة المتكونة في غالبها من الضرائب بنسبة 12.9 في المئة، مقارنة بقانون المالية التعديلي لسنة 2022، الذي حددت فيه الضرائب بنحو 41.1 مليار دينار (13.17 مليار دولار) لتبلغ 46.424 مليار دينار (14.87 مليار دولار).

بالنظر إلى الزيادة المهمة المتوقعة في مداخيل الضرائب وقدرها 40.5 مليار دينار (12.98 مليار دولار) والمداخيل غير الضريبية بقيمة 5.5 مليار دينار (1.76 مليار دولار) والهبات بقيمة 354 مليون دينار (113.4 مليون دينار).

في حين ارتفعت نفقات ميزانية الدولة إلى 53.921 مليار دينار (17.282 مليار دولار) مقابل 50.9 مليار دينار (16.31 مليار دولار) بالموازنة التعديلية لسنة 2022.

وبناء على ذلك تبين انخفاض العجز بموازنة 2023 ليبلغ 497.7 مليار دينار (2.40 مليار دولار) مقارنة بنحو 9.7 مليار دينار (3.10 مليار دولار) سنة 2022.

وتحتاج تونس إلى تعبئة تمويل لسد حاجات قدرها 23.49 مليار دينار (7.52 مليار دولار) لتغطية عجز الموازنة وقدره 7.49 مليار دينار (2.40 مليار دولار)، وكلف الخزانة المتمثلة في تسديد الدين الذي تحل آجاله سنة 2023 وقيمته 15.7 مليار دينار (5.03 مليار دولار)، موزعاً بين 6.67 مليار دينار (2.13 مليار دولار) ديناً خارجياً، و9.12 مليار دينار (2.92 مليار دولار) ديناً داخلياً، علاوة على 5.3 مليار دينار (1.69 مليار دولار) فوائد الدين، لذلك تسعى تونس إلى تعبئة موارد اقتراض خارجي بقيمة 14.85 مليار دينار (4.75 مليار دولار)، وموارد اقتراض داخلي بقيمة 9.53 مليار دينار (3.05 مليار دولار) إضافة إلى موارد خزانة تبلغ 902 مليون دينار (289.1 مليون دولار).

غموض وضبابية حول الموارد

أشار محمد صالح سويلم، المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي، إلى الزيادة في حجم سداد أصل الديون بفارق ستة مليارات دينار (1.92 مليار دولار)، مما مثل أهم دافع للرفع في حجم الميزانية التي قفزت من 60 مليار دينار (19.2 مليار دولار) بالموازنة التعديلية لسنة 2022 إلى 69.6 مليار دينار (22.30 مليار دولار)، علاوة على الزيادة في ميزانية الاستثمار من أربعة مليارات دينار (1.28 مليار دولار) سنة 2022 إلى ستة مليارات دينار (1.923 مليار دولار) تضاف إلى تضخم كتلة الأجور.

وإن تم التمكن من الضغط على العجز في الموازنة والتخفيض فيه تواجه الحكومة في السنة المقبلة ضغوطاً أخرى تتمثل في الزيادة في مستحقات سداد الديون التي تحتم حاجات تمويل لتغطيتها، بعد أن ارتفعت خدمة أصل الدين من 9.8 مليار دينار (3.14 مليار دولار) سنة 2022 إلى 15.7 مليار دينار (5.03 مليار دولار) سنة 2023، إضافة إلى 5.3 مليار دينار (1.69 مليار دولار) من الفوائد ما مجموعه 21 مليار دينار (6.73 مليار دولار)، مما يستوجب اللجوء إلى تعبئة موارد تمويل لتغطية سداد الدين، إضافة إلى سد العجز وتتم عن طريق الاقتراض الخارجي والداخلي في ظل صعوبات داخلية وخارجية تتمثل في الالتجاء للاقتراض من السوق الداخلية لمدة ثلاث سنوات متتالية، وما ترتب عنه من انعكاسات سلبية على سوق الاستثمار وتمويل البنوك للمؤسسات التونسية.

في المقابل تضيق مساحة الموارد الخارجية تأثراً بتفاقم المديونية وتدني الترقيم السيادي لتونس، مما يطرح تساؤلات حول ظروف تعبئة الموارد المعلنة لتمويل العجز وتسديد الدين، وتطرح إمكانات عدة لبديل السوق المالية وهي الاتفاقيات الثنائية أو متعددة الأطراف لتعبئة 14.8 مليار دينار (4.74 مليار دولار)، وهي غير مؤكدة في انتظار التوصل إلى اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي.

ولم يتم الكشف عن الوعود في هذا الإطار من مصادر التمويل وحجمها أو محادثات في هذا الشأن، مما يلقي بالضبابية على الملف.

من جهته دعا الخبير الاقتصادي أنيس الوهابي إلى ضرورة تقديم خطة عمل مرفقة للميزانية لتنفيذها في المستقبل وتفسير كل الإجراءات التي نص عليها قانون المالية، وذلك في إشارة إلى الإجراءات المتعلقة بالضرائب التي شملها نص الموازنة (قانون المالية) مثل إحداث ضريبة جديدة على الثروة العقارية.

وبخصوص زيادة حجم الموازنة ذكر الوهابي أنه من غير المتاح تخفيض الجزء الأعظم من الموازنة باعتبار تكونها من النفقات وغالبها من الأجور التي بلغت 21.8 مليار دينار (6.98 مليار دولار) سنة 2022، علاوة على نفقات التسيير وقدرت بنحو 1.8 مليار دينار (576 مليون دولار) سنة 2022 في حين يستولي الدعم على 12 في المئة من الموازنة، منه 7.6 مليار دينار (2.43 مليار دولار) لدعم المحروقات فحسب في السنة الراهنة، بينما يبلغ دعم المواد الأساسية 3.7 مليار دينار (1.18 مليار دولار)، واعتبر أن التأخير في تقديم توضيحات في شأن تنفيذ الموازنة وحوكمة المؤسسات العمومية يهدد بانعكاسات سلبية على مناخ الأعمال في تونس ووضعية ملفها لدى الجهة المانحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى