اقتصاد دولي

موازنة بريطانيا الجديدة تتفادى زيادة الاقتراض وارتفاع العجز

أعلن وزير الخزانة البريطاني جيريمي هنت أمام مجلس العموم «البرلمان البريطاني» موازنة حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك الأولى للعام المقبل. وتضمنت الموازنة بعض أشكال الدعم مثل تمديد سقف فواتير الغاز والكهرباء الذي ينتهي هذا الشهر حتى نهاية يونيو (حزيران)، وزيادة مخصصات رعاية الأطفال للأسر العاملة ورفع سقف مساهمات معاش التقاعد للعاملين وغيرها.
وفي أول خطاب موازنة سنوية له أمام البرلمان، قال هنت إن الاقتصاد البريطاني «أثبت خطأ المشككين» وسيتفادى الركود هذا العام كما كان متوقعاً، مما يعني أن سياسة حكومة سوناك بشأن الاقتصاد «تسير على الطريق الصحيح». وأعلن وزير الخزانة أن تقديرات مكتب مراقبة الموازنة أن الاقتصاد سيتفادى النمو السلبي لربعي عام متتالين. ذلك على رغم أن الاقتصاد سينكمش بنسبة 0.2 في المئة إجمالاً في العام الحالي 2023.
كذلك توقع مكتب مراقبة الموازنة أن ينخفض معدل التضخم من نسبة 10.7 في المئة التي وصل إليها بنهاية العام الماضي 2022 إلى نسبة 2.9 في المئة بنهاية هذا العام. وقال جيريمي هنت أمام البرلمان: «مع ذلك سنظل متيقظين ومنتبهين ولن نتردد في اتخاذ ما يلزم من خطوات نراها ضرورية لضمان الاستقرار الاقتصادي».
وعلى رغم التفاؤل من قبل وزير الخزانة، إلا أن المعارضة السياسية انتقدت الموازنة، واعتبرت أن ما عرضته من مزايا يفيد فقط نسبة واحد في المئة من الجماهير البريطانية، كما قال زعيم حزب العمال السير كيير ستارمر.
تفاصيل الموازنة
جاء إعلان الموازنة حاملاً بعد التقدم الحكومي بأكثر مما كان متوقعاً وتحدث عنه الإعلام قبل يومين، بخاصة في ما يتعلق بمخصصات رعاية الأطفال وبسقف معاشات التقاعد. أما بالنسبة إلى مد فترة تجميد سقف فواتير الطاقة للمنازل عند 2500 جنيه استرليني (3015 دولار) حتى مطلع يوليو (تموز) المقبل. لكن الحكومة لن تمدد تعويضات فرق أسعار الطاقة للأسر البريطانية الذي كان يدفع مباشرة بمقدار 67 جنيه استرليني (80 دولار) شهرياً، وينتهي بنهاية شهر مارس (آذار) الجاري.
صدمة «سيليكون فالي» تنتقل إلى أوروبا وبريطانيا فهل تتكرر أزمة 2008؟
كما أعلن وزير الخزانة في بيان الموازنة تجميد كل الضرائب على الوقود لمدة 12 شهراً، وتمديد خفض الرسوم على الوقود بمقدار خمسة قروش. وهو ما يكلف الخزانة العام ستة مليارات جنيه استرليني (7.2 مليار دولار) في فترة الموازنة.
ومع زيادة الضرائب على أرباح الشركات من نسبة 19 في المئة حالياً إلى نسبة 25 في المئة الشهر القادم، أعلن وزير الخزانة أن بإمكان الشركات الحصول على إعفاء إذا استثمرت أرباحها في بريطانيا وبما يصل إلى نسبة 100 في المئة. ويقدر مكتب مراقبة الموازنة أن ذلك سيزيد الاستثمار في بريطانيا بنسبة ثلاثة في المئة سنوياً. وبحسب إعلان الموازنة، ستكون تلك الميزة لمدة ثلاث سنوات، إلا أن هنت قال إن الحكومة تنوي جعلها دائمة «ما إن يصبح بمقدورنا القيام بذلك بشكل مسؤول».
رعاية الأطفال ومعاشات التقاعد
من البنود التي جاءت أكثر كرماً مما هو متوقع مخصصات رعاية الأطفال بهدف تشجيع العاملين في رعاية الأطفال على العودة إلى العمل، وكذلك مساعدة الأسر التي يعمل فيها الأب والأم. وبالنسبة إلى الوالدين اللذين يعملان 16 ساعة أسبوعياً ستحصل الأسرة على 15 ساعة من رعاية الأطفال المجانية «المدفوعة من الحكومة» للأطفال من سن تسعة أشهر إلى خمس سنوات.
كان المتوقع أن يرفع وزير الخزانة جيريمي هنت الحد الأعلى من الادخار لمعاشات التقاعد المعفى من الضرائب إلى 1.8 مليون جنيه استرليني (2.2 مليون دولار)، إلا أن إعلان الموازنة ألغى السقف تماماً، مما يعني ألا يدفع أصحاب المهن الحرة الذي يكسبون مبالغ كبيرة ضرائب على مدخراتهم لمعاش التقاعد. ورفع هنت حد الإعفاء الضريبي على مساهمات معاش التقاعد السنوية بنسبة 50 في المئة من 40 ألف جنيه استرليني (48 ألف دولار) إلى 60 ألف جنيه استرليني (72 ألف دولار).
كما خصص وزير الخزانة إضافة 11 مليار جنيه استرليني (13.3 مليار دولار) لموازنة وزارة الدفاع على مدى السنوات الخمس المقبلة. وكان رئيس الوزراء ريشي سوناك أعلن زيادة موازنة الدفاع البريطانية إلى نسبة 2.25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بحلول عام 2025.
اعتراضات وانتقادات
وتضمنت الموازنة أيضاً تخصيص ملايين الجنيهات لأغراض أخرى متفرقة. ومنذ تولى جيريمي هنت وزارة الخزانة في الأيام الأخيرة لحكومة ليز تراس المستقيلة، سعى إلى ضبط الوضع المالي والاقتصادي الذي تدهور بشدة في الأسابيع القليلة التي تولت فيها تراس رئاسة الوزارة. بالتالي توفر له ما يكفي لتقديم بعض الميزات من دون زيادة كبيرة في الاقتراض العام.
وبحسب تقديرات مكتب مراقبة الموازنة أن وزير الخزانة جيريمي هنت يقترب من تحقيق المستهدف بخفض نصيب الدين من حجم الاقتصاد وعدم زيادة الاقتراض عن نسبة ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في فترة خمس سنوات.
وقال هنت في بيانه أمام البرلمان: «تقديراتنا لحجم الدين العام أن يكون عند نسبة 92.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل، وأن يصل إلى نسبة 93.7 في المئة في العام المالي 2024 – 2025 وإلى نسبة 94.6 في المئة في 2025 – 2026. ونسبة 94.8 في المئة عام 2026 – 2027 ونسبة نسبة 94.6 في المئة للعام المالي 2027 – 2028».
ومع توقع مكتب مراقبة الموازنة استمرار انخفاض العجز سنوياً في السنوات الخمس المقبلة، يقدر الاقتصاديون أن يتوفر لوزير الخزانة مبلغ لحرية التحرك في حدود 6.5 مليار جنيه استرليني (7.8 مليار دولار).
وانتقد زعيم حزب العمال السير كيير ستارمر الموازنة، مشيراً إلى أن خفض الضرائب الدائم الوحيد هو لصالح «نسبة واحد في المئة الأكثر ثراء»، مضيفاً «كيف تكون تلك هي أولوية هذه الحكومة». وسخر ستارمر من «تفاخر» الحكومة بتوقع انخفاض معدلات التضخم، مشيراً إلى أن ذلك يعود لعوامل لا تتعلق بسياسة الحكومة المالية والاقتصادية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى