أخبار عاجلةمنوعات اقتصادية

نصيحة ذهبية للقادة لمواجهة الصعوبات وتقبل الفشل

رغم مرور قرن على رحيله، لا تزال الرحلات الاستكشافية التي قادها المستكشف البريطاني «إرنست شاكلتون» إلى القطب الجنوبي مصدر إلهام يمكن تعلم الكثير منها، ليس في مجال السفر والاستكشاف فحسب، وإنما في مجال القيادة والحياة بشكل عام.
ويظهر ذلك بوضوح في الحكايات التي سردها «رولاند هانتفورد» في كتاب «شاكلتون»، الذي يروي به السيرة الذاتية لهذا المستكشف، من خلال إعادة جمع كل الحكايات التي ذُكرت عنه، ومن بينها تصميمه على إنقاذ رجاله بعد تحطم سفينته بسبب الجليد قبالة سواحل القارة القطبية الجنوبية.
وتعكس الحكايات عن «شاكلتون» إلى أي مدى كان مغامرًا، ويضع نصب عينه العديد من الأهداف وعلى رأسها أن يكون أول من يصل إلى القطب الجنوبي، ورغم صعوبات الرحلة، ورغم أن قرارًا أو خطوة واحدة خاطئة كان يمكن أن تودي بحياة طاقم الرحلة بأكمله وليس «شاكلتون» فحسب، إلا أنه مضى في طريقه مواجهًا التحديات.
ويقول «هانتفورد» في كتابه عن «شاكلتون» إنه كان لديه مزيج غريب من اللامبالاة والحذر، فرغم أنه كان يطلب الكثير من رجاله، إلا أنه كان مستعدًا للتضحية بحياته من أجلهم، فكانوا ينفذون أوامره ويسيرون لمسافات طويلة في طقس شديد البرودة، وهم يتضورون جوعًا، ويشعرون باليأس.
– رغم أن القارة القطبية الجنوبية تبدو بعيدة الشبه عن البيئة التي يعمل فيها المدراء التنفيذيون ورواد الأعمال، إلا أن هناك تشابهات بينهما في الواقع، إذ لا يمكن التنبؤ بالأحوال في القطب الجنوبي.- كما أن الأوضاع هناك غير مستقرة وقاسية للغاية، فالعمى الثلجي يمكن أن يجعل الرؤية مستحيلة هناك، وكذلك يمكن أن تتسبب تصدعات الجليد في موت المستكشفين.
– لكن رغم كل هذه الصعوبات، كان استكشاف القطب الجنوبي بالنسبة لـ «شاكلتون» حلمًا مثل تأسيس شركة كبيرة، فقد كان مهووسًا بهذا الحلم، وحاول الوصول للقطب الجنوبي ثلاث مرات وفشل.
– وبدأ هوس «شاكلتون» بهذا الحلم في مرحلة شبابه، حين كان جزءًا من رحلة استكشافية بقيادة «روبرت فالكون سكوت»، ثم قام بعد ذلك برحلة استكشافية بمفرده في الفترة بين 1907 و1909، وأخيرًا قام بالرحلة الاستكشافية على متن السفينة التي تحطمت بسبب الجليد.
– ومن أجل إنقاذ طاقمه، أبحر «شاكلتون» على قارب يبلغ طوله نحو 7 أمتار، مع خمسة آخرين في منطقة القطب الجنوبي، ثم تسلقوا جبال جزيرة جورجيا الجنوبية، طلباً للمساعدة، حتى تمكن في النهاية من إنقاذ كل طاقم سفينته.
– ورغم أن «شاكلتون» كان لديه سوء تخطيط رهيب كقائد للرحلة الاستكشافية، حيث حمل طاقمه طعامًا غير كافٍ لرحلة قاسية تتطلب المشي لمسافات طويلة، في طقس قارس البرودة، إلا أن ذلك لم يؤثر على طاقمه. – ففي إحدى الليالي، وبينما كان «شاكلتون» يجلس مع أفراد طاقمه وهم يتضورون جوعًا ويتجمدون من البرد، سأل أحدهم ما إذا كان سينضم إليه في رحلة استكشافية أخرى، فأجاب بنعم من دون تردد. – ورغم أن «شاكلتون» وصل إلى نقطة كان فيها على بعد 156 كيلومترًا فقط من هدفه، إلا أنه قرر التوقف عن إكمال حلمه حتى يحافظ على حياة طاقمه، فإكمال الرحلة لم يكن يعني سوى موت الجميع.
– وكانت رحلة العودة نفسها قاسية، في ظروف جوية قاسية بها عواصف ثلجية، علاوة على نقص الطعام معهم، فكانوا يعيشون على كميات قليلة من اللحم والبسكويت، ويذكر أحد طاقم «شاكلتون» أنه كان كريمًا للغاية، ويمنحه وجبة الإفطار الخاصة به. – ورغم هوس «شاكلتون» بحلمه، إلا أن أعظم بطولاته كانت في اعترافه بالفشل، وتقبله له، حتى يتمكن هو ورفاقه من البقاء على قيد الحياة، وهو أفضل درس يمكن أن يتعلمه القادة ورواد الأعمال منه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى