مختارات اقتصادية

هل حان الوقت لحصولك على إجازة من سوق الأسهم؟

ينخرط الكثيرون في سوق المال بشدة، حتى تصبح متابعة الأسهم جزءا من روتين حياتهم اليومي، فهو يستيقظ ليكون أول ما يطالعه سعر الأسهم التي يقتنيها أو يهتم بشرائها، ويستمر على ذلك حتى موعد إقفال السوق، ليطمئن على أن أمواله «بخير».
ولعل تطبيقات التداول على الجوال أصبحت وسيلة لزيادة انخراط المتداولين في الأسواق، وخاصة مع تزايد انضمام بعض المتداولين للأسهم لأسواق أخرى مثل سوق العملات «الفوركس» والسلع وحتى العملات المشفرة، وغيرها من الأسواق التي تحتاج –بطبيعتها- لمتابعة لحظية.
إرهاق ذهني وعصبي
وتتسبب هذه الحالة من «الانكباب» في العديد من الخسائر للمتداولين، ولعل أبرزها حقيقة أن 70% من المتعاملين لا يستطيعون تمييز المعلومات القيّمة من المعلومات غير القيّمة بسبب متابعتهم المستمرة لأخبار السوق والأخبار المرتبطة به بما يصيبهم بحالة الإغراق المعلوماتي الشهيرة التي تفقدهم القدرة على اتخاذ القرار.
فهذه النسبة من المتعاملين (70%) كثيرًا ما تجد نفسها «مرهقة» بشدة بسبب كم المعلومات التي تتلقاها يوميًا، وبسبب أن بعضها قد يكون متعارضًا في رأيه، بما يجعل المتداول في حيرة من أمره وبعد إنهاك قواه العقلية والنفسية يجد نفسه مضطرا لاتخاذ قراره سواء بالبيع أو الشراء أو الاحتفاظ في توقيت معين فيتخذه غالبا بـ»الحدس» أو على سبيل التخلص من «مأزق» حتمية اتخاذ قرار.
وتشير دراسة إلى أن هذا الإغراق المعلوماتي الشديد سبب رؤية أكثر من 35% من المتعاملين في سوق الأسهم الأمريكية أن الأمر كله «محض حظ» فهؤلاء يرون أنهم يقومون بأداء ما عليهم من دراسة للأسواق، ولكن النتيجة تكون إيجابية وأحيانًا سلبية، بما يجعلهم يرجعون الأمر لـ»الحظ».
والواقع أنه ليس للحظ دور في الموضوع، ولكن عدم أخذ إجازة والابتعاد عن سوق الأسهم من وقت لآخر، بحسب الأموال للمضاربين خارج السوق وبتوقف تتبع أخبار الأسهم للمستثمرين طويلي الأمد في الأسهم والأهم من ذلك ضرورة أخذ إجازة من السوق لمن يصبحون «مدمنين» للتداول.
علامات «إدمان» التداول:- وتكشف دراسة نفسية أمريكية عن 10 علامات تؤكد أن الشخص بحاجة لأخذ إجازة من السوق لأنه أصبح مدمنًا للتداول، وهذه العلامات هي:
– إذا وجدت نفسك تخاطر بشكل متزايد دون استراتيجية واضحة، أو إذا كنت بحاجة إلى رهان أكبر من أجل الحصول على الرضا أو الإثارة. – إذا أصبحت مهووسًا بالبحث عن الأسهم وتداولها، أو الانشغال بمراقبة السوق باستمرار. – إذا فقدت الاهتمام بالأنشطة الاجتماعية والترفيهية التي وجدتها ذات يوم ممتعة على حساب الانخراط في التداول.
– إذا وجدت نفسك تتاجر من أجل زيادة ضخ الأدرينالين أو بهدف المتعة.
– إذا قمت بمحاولات فاشلة لتقليل الوقت الذي تقضيه في التجارة والأنشطة ذات الصلة بالتداول، أو إذا قمت بمحاولات فاشلة لأخذ قسط من الراحة أو الامتناع عن الأنشطة المتعلقة بالتداول. – إذا كنت تتداول بشكل إلزامي أو وجدت رغبة شديدة للانخراط في الأنشطة التجارية ذات الصلة.
– إذا وجدت نفسك تعاني من الإجهاد أو القلق أو المزاج السيئ أو التهيج أو غيرها من أعراض الصحة العقلية غير المرغوب فيها وغير الصحية ، خاصةً عند عدم التداول.
– إذا وجدت نفسك مضطرًا للكذب أو إخفاء تداولك عن أحبائك.
– إذا كان عليك الاقتراض أو بيع الأصول أو استخدام الأموال التي يجب إنفاقها على الفواتير أو الضروريات من أجل إجراء الصفقات.
– إذا واصلت التداول على الرغم من العواقب السلبية لاستقرارك المالي أو علاقاتك أو صحتك الجسدية والعقلية.
وتشير الدراسة إلى أن واحدا من كل 3 متعاملين يعاني من أكثر من واحدة من تلك العلامات في السوق الأمريكي بينما يعاني أكثر من 60% من علامة واحدة على «إدمان التداول» بما يؤشر لخطورة تلك المظاهر التي تؤدي ليس فقط للخسائر المادية ولكن إلى إرهاق نفسي وذهني مستمر للمتداول، بما يؤذيه نفسيًا وجسمانيا.
«الاحتراق» في سوق الأسهم:- زيادة الانخراط في السوق وتجنب أخذ إجازة من وقت لآخر تتسبب في أمراض «نفس-جسمية» حتى ومنها صرير الأسنان والضغط العالي واضطراب ضربات القلب واضطرابات في الاتزان، حتى أن 85% من المتعاملين في السوق الأمريكي يعانون من عرض واحد للأمراض النفس- جسمية على الأقل.
وتوصي الدراسات النفسية بشكل عام بضرورة تجنب «الاحتراق الوظيفي»، وهو عبارة عن حالة نفسية تصيب الموظف فيصبح غير راغب في العمل وغير مقبل عليه، وغالبا ما يشعر بالإرهاق الشديد غير المبرر، وتنخفض إنتاجيته نتيجة لذلك. وعلى الرغم من أن سوق الأسهم ليست وظيفة بالمعنى التقليدي، ولكن قضاء أوقات طويلة بلا إجازة منها يجعل المتداول يصاب بأعراض شبيهة، ومنها انخفاض الإنتاجية والقدرة على التمييز، بما يجعل من الضروري التوقف لفترة عن متابعة أخبار سوق الأسهم من وقت لآخر.
ويدرك قرابة 40% من المتعاملين في الأسواق حاجتهم إلى أخذ إجازة أو عطلة من التداول لفترة ولكنهم لا يقدمون على اتخاذ تلك الخطوة خوفًا من فقدان «فرصة ما» إذا ابتعدوا لفترة، ولا شك أن النسبة قد تزيد في ظل عدم استقرار السوق واتخاذه منحنى واضحا سواء كان صعودًا أو هبوطًا.
وحتى من يقدمون على أخذ إجازة من الأسواق والتداول أحيانًا لا يفعلون ذلك بالطريقة الصحيحة، حيث تقدر الدراسات أن أكثر من ثلثي المتعاملين في سوق الأسهم لا يتوقفون عن متابعته والأخبار المرتبطة به حتى في الأيام التي يقررون فيها الابتعاد عن البيع والشراء، مما يجعلهم منخرطين طيلة الوقت في الأسواق دون السماح بقدر من الراحة يسمح لهم بتجديد النشاط الذهني والأهم النفسي.
ويمكن وصل هذا الارتباط الشديد بالأسواق أيضًا بنظرية «فومو» أو الخوف من فوات متابعة الأشياء، والتي تقدر الدراسات أنها تصيب 56% من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي و69% من جيل الألفية، ولا شك أنها تؤثر على المتداولين بصورة أكبر خاصة مع ارتباط المتابعة هنا بتحقيق المكاسب أو تكبد الخسائر -على الأقل وفقا لما يراه المتداول.
ولعل إحدى أهم الخطوات التي يجب على المتداول القيام بها «عقليًا» قبل التوجه لأخذ إجازة هو التوقف عن التعامل مع الأسواق كما لو كانت احتياجا، سواء من خلال تدفق الهرمونات وخاصة الإدرينالين.
فهكذا يستطيع المتداول الانتقال من الحالة الشبيهة بالمقامرة إلى الاستثمار أو التداول الأكثر هدوءا، وهذا يُمكِنه من أن يتوقف عن «إدمان» التداول ويدرك حاجته إلى أخذ راحة والابتعاد من وقت لآخر عن السوق حتى يرى الصورة أوضح بعدم»انغماسه» المتواصل فيها.
المصادر: أرقام- فاميلي أديكيش اسبيشياليت- فوربس- فورتشن- ياهو فيانانس

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى