اقتصاد دولي

عجز قياسي يتصدر أكبر أربع أزمات اقتصادية تحاصر حكومة أردوغان

ما بين خسائر عنيفة لعملة بلادهم في مقابل الدولار الأميركي، وارتفاعات قياسية في العجز والديون والتضخم، يواجه الأتراك وحكومتهم أكبر أزمة اقتصادية منذ إعلان حذف الأصفار من العملة في بداية الألفية الجديدة. خلال التعاملات الأخيرة، تراجعت الليرة التركية بنحو 0.2 في المئة إلى مستويات 32.4 في مقابل الدولار، بعد أن تعرض الحزب الحاكم للرئيس رجب طيب أردوغان لهزيمة مفاجئة في الانتخابات البلدية التي جرت أول من أمس الأحد.

وكان البنك المركزي التركي فاجأ الأسواق برفع أسعار الفائدة قبل أيام، وهو قرار يأتي قبل الانتخابات مباشرة ويظهر الحاجة الملحة إلى دعم الليرة بعد عمليات البيع. ورفعت لجنة السياسة النقدية بقيادة المحافظ فاتح كاراهان سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع إلى 50 في المئة من 45 في المئة، ولم يتوقع سوى “دويتشه بنك” و”غولدمان ساكس” سيناريو رفع أسعار الفائدة، بينما لم ير جميع الاقتصاديين الآخرين الذين شملهم استطلاع “بلومبيرغ” أي تغيير. ومع استمرار خسائر الليرة، استقرت معدلات التضخم عند مستوى أعلى من 67 في المئة خلال فبراير (شباط) الماضي، ومن المرجح أن يكون الانخفاض السريع في قيمة الليرة وتدهور توقعات التضخم، أجبر “المركزي التركي” على اتخاذ القرار بعد شهرين فقط من إعلان صناع السياسات انتهاء دورة التشديد.

وقبل الارتفاع كانت الليرة التركية هي الأسوأ أداء هذا الشهر من بين عملات الأسواق الناشئة التي تتبعها “بلومبيرغ”، مع خسارة بنحو 3.7 في المئة في مقابل الدولار.

كيف تطورت أرقام الديون والقروض الخارجية؟

على صعيد أزمة الديون والاقتراض الخارجي، سجلت ديون تركيا الخارجية قصيرة الأجل في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مستويات قياسية، وفق البنك المركزي التركي، وتظهر بيانات “المركزي” ارتفاع القروض الخارجية قصيرة الأجل، التي لم يتبق على موعد استحقاقها سوى عام أو أقل، إلى مستويات قياسية مسجلة 226.6 مليار دولار من بينها 18.5 مليار دولار من ديون الشراكات مع فروع البنوك التركية والقطاع الخاص بالخارج.

واعتباراً من نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ارتفع إجمالي الدين الخارجي قصير الأجل بنحو 17.2 في المئة مقارنة بنهاية عام 2022 ليسجل 174.4 مليار دولار، وخلال تلك الفترة ارتفعت الديون الخارجية المصرفية قصيرة الأجل بنحو 10.1 في المئة لتسجل 68.4 مليار دولار، بينما ارتفعت الديون الخارجية قصيرة الأجل للقطاعات الأخرى بنحو 10.8 في المئة لتسجل 59.6 مليار دولار.

وتشير البيانات الرسمية إلى ارتفاع القروض قصيرة الأجل التي تحصل عليها البنوك من الخارج بنسبة 18.4 في المئة مقارنة بنهاية عام 2022 لتسجل 12.6 مليار دولار، وانخفض حساب الودائع بالعملة الأجنبية للمقيمين الأجانب باستثناء البنك المركزي بنسبة 7.4 في المئة لتسجل 20.0 مليار دولار، بينما ارتفعت ودائع البنوك الأجنبية المقيمة بنسبة 23.2 في المئة لتسجل 20.7 مليار دولار.

إضافة إلى ذلك، بلغت ودائع المقيمين الأجانب من الليرة التركية 15.1 مليار دولار، بزيادة قدرها 15.2 في المئة مقارنة بنهاية العام الماضي، كما ارتفعت أيضاً ديون الاستيراد في القطاعات الأخرى بنسبة 7.8 في المئة مقارنة بنهاية عام 2022 وبلغت 52.5 مليار دولار.

وعلى صعيد المدينين، ارتفعت الديون قصيرة الأجل للقطاع العام، الذي يتكون من البنوك العامة، بنسبة 19.3 في المئة لتصل إلى 34.5 مليار دولار مقارنة بنهاية عام 2022، في حين ارتفعت الديون الخارجية قصيرة الأجل للقطاع الخاص بنسبة 7.5 في المئة لتصل إلى 93.6 مليار دولار. وفي المقابل وعلى صعيد الدائنين، ارتفعت الديون قصيرة الأجل للمؤسسات النقدية تحت بند الدائنين من القطاع الخاص بنسبة 29.2 في المئة مقارنة بنهاية العام لتسجل 95.7 مليار دولار، وارتفعت الديون للمؤسسات غير النقدية بنسبة 3.7 في المئة لتسجل 76.7 مليار دولار.

واعتباراً من نهاية ديسمبر (كانون الأول) من عام 2023، بلغت إصدارات السندات قصيرة الأجل 1649 مليون دولار بعدما سجلت 676 مليون دولار في نهاية عام 2022، وفي الفترة نفسها بلغت الديون قصيرة الأجل للدائنين الرسميين 357 مليون دولار. وبلغت نسبة الدولار من إجمالي الديون الخارجية قصيرة الأجل 50.3 في المئة، بينما بلغت نسبة اليورو 23.3 في المئة والليرة 10 في المئة والعملات الأخرى 16.4 في المئة، فيما تبلغ حصة القطاع العام من إجمالي الديون 20.6 في المئة، في حين تبلغ حصة البنك المركزي 20.5 في المئة والقطاع الخاص 58.9 في المئة.

عجز الموازنة يقفز 900 في المئة في 2023

وسجل عجز الموازنة التركية قفزة بنحو 900 في المئة في عام 2023، وصل العجز إلى 1.4 تريليون ليرة (حوالى 46.5 مليار دولار) في عام 2023، وفقاً للأرقام الصادرة عن وزارة الخزانة والمالية التركية.

ومع ذلك كان أداء المالية العامة أفضل مما توقعته الحكومة التركية في برنامج وضع أهدافاً حتى عام 2026، إذ توقعت عجز موازنة العام الماضي بنسبة 6.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وقال وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك إن نسبة العجز في 2023 كانت أقل بنقطة مئوية من التوقعات.

ونظرت الأسواق إلى ما هو أبعد من التدهور المالي في تركيا، وركزت بدلاً من ذلك على تبني الحكومة لسياسات اقتصادية ونقدية أكثر تقليدية، وحققت ديون البلاد بالدولار مكاسب للمستثمرين بنسبة 18 في المئة خلال العام الماضي، وانخفض طلب المستثمرين على السندات ذات العائد الإضافي منذ إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان في مايو (أيار) الماضي.

وتظر البيانات أن الإيرادات الضريبية عوضت بعض الارتفاع في الإنفاق العام، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى الضرائب الاستهلاكية الجديدة. وعززت الحكومة الضرائب على الوقود بنحو 200 في المئة في يوليو (تموز) الماضي، لتمويل الأضرار الناجمة عن الزلزال وزادت أيضاً على نطاق واسع من ضرائب القيمة المضافة، وعلاوة على ذلك كان على وزارة الخزانة أن تتحمل عبئاً أقل لبرنامج حماية المدخرات بالليرة التركية المدعوم من الحكومة. ومنذ يوليو الماضي حولت كلفة تعويض المدخرين بالليرة – التي جرى تقاسمها سابقاً مع البنك المركزي – بالكامل إلى المركزي التركي.

وكان هذا البرنامج يدعم المدخرات بالليرة في مقابل انخفاضها، إذ يتكفل البنك المركزي بتعويض الخسائر الناجمة عن تراجع قيمة الليرة، وقبيل انتخابات مايو الماضي وقعت حكومته على إجراءات مثل رفع الحد الأدنى للأجور بشكل حاد والتقاعد المبكر للملايين.

وكانت تحويلات الحساب الجاري لتركيا، التي تشمل مدفوعات المساعدات الاجتماعية وقطاع الطاقة الحكومي، هي المحرك الرئيس لزيادة الإنفاق الحكومي العام الماضي، فيما ارتفعت المخصصات بنسبة 111 في المئة على أساس سنوي، وشكلت أكثر من ثلث إجمالي الإنفاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى