مقالات اقتصادية

«فورد» في سباق للوفاء بوعدها الطموح

كتب أسامة صالح 

تحت قيادة جيم فارلي الرئيس التنفيذي، تتنافس شركة فورد في سباقين اثنين، هما خفض التكاليف على المدى القصير وتهيئة الشركة للمستقبل. في كليهما، تواجه أقدم شركة لصناعة السيارات في الولايات المتحدة مسيرة شاقة.

عندما عرض فارلي رؤيته -حول عدد أقل من السيارات وهوامش أعلى وكسب أرباح من الخدمات- للمستثمرين في 22 أيار (مايو)، بالكاد تحركت أسعار أسهم شركة صناعة السيارات الأمريكية.

قال فيليب هوشوا، محلل السيارات في بنك جيفريز، “إن المستثمرين كانوا متشككين بعد أعوام شهدت مقاييس مالية دون المستوى”.

قال دان ليفي، المحلل في “باركليز”، “هذه الجهود جديرة بالثناء حقا. لكننا نعتقد أن التحول سيستغرق وقتا أطول، ومن المرجح أن تأتي النتائج أضعف مما أعلنت عنها فورد (..) ما يجعل هذه القصة قصة أعطني إثباتا لأصدقك”.

بعيدا عن الأهداف البراقة طويلة الأجل المعتادة التي غالبا ما تطرحها شركات صناعة السيارات، كان من المفترض أن يكون يوم الاجتماع بالمستثمرين حدثا للإثبات. حيث ركز على شرح مفصل عن كيفية تحقيق “فورد” مستهدفها البالغ 10 في المائة للأرباح المعدلة بحلول 2026 المعلن سابقا قبل الفوائد والضرائب.

المفتاح للوصول إلى هذا الرقم هو خفض سبعة مليارات دولار من التكاليف من مركباتها التي تعمل بالمحركات، وتشجيع قسم المركبات الكهربائية الخاسر فيها على تحقيق هامش ربح يبلغ 8 في المائة.

قال جون لولر المدير المالي، معترفا بضعف أداء شركة صناعة السيارات في الماضي “نعلم أن التكلفة هي أكبر مشكلة لدينا. لقد تحدثنا عن هذا لأعوام. لن تصدقونا حتى نبدأ في تحقيقها (…) لأننا قلنا هذا لكم من قبل. هذه هي الحقيقة. لقد قلناها، ولم نحقق شيئا. لذلك علينا أن نثبت ذلك”.

يعد السباق لخفض التكاليف وتقليل عدد الطرازات وتوليد أرباح من الخدمات الرقمية أمرا بالغ الأهمية في حال أرادت “فورد” أن تنجح في السباق الثاني، وهو السباق الذي سيدفع شركات صناعة السيارات أكثر إلى مجال مجموعات التكنولوجيا.

قال فارلي لـ”فاينانشيال تايمز” في مقابلة قبيل حدث المستثمرين “إن على الشركة أن تتعلم الاستفادة من البيانات التي تم جمعها من السيارة”.

إن الاستفادة من المعلومات التي تصدرها أجهزة الاستشعار داخل السيارة ستبقي سياراتها في الطليعة في عصر ستكون فيه البرمجيات مهمة لكسب العملاء كأهمية الأجهزة. حيث قال فارلي “إذا استفادت من بيانات السيارة، فلن تتنافس مع شركتي أبل وجوجل، وستجعل السيارة أفضل كل يوم”.

بدأت الشركة بالفعل في اتخاذ بعض الخطوات الصغيرة نحو ذلك. فعند اختبار نظامها، بلو كروز الذي يلتزم بالمسار، وجد المهندسون أن الهواء من الشاحنات المارة يدفع السيارات خارج مسارها، ويجبر النظام على قطع الاتصال بالسيارة، ما يدفع السائق إلى الأخذ بزمام القيادة مرة أخرى.

بالاستفادة من بيانات الكاميرات لرؤية الشاحنات تقترب، تمكنت المجموعة من إعادة المعايرة بحيث تظل مركباتها متحكمة.

كانت النتيجة أن نظام “فورد” للقيادة دون استخدام اليدين أصبح من بين أوائل الأنظمة التي تم اعتمادها للاستخدام في أوروبا، وهي سوق لا تزال أقل انفتاحا على هذه الأنظمة من الولايات المتحدة.

تعمل “فورد” على الترويج للسيارات والشاحنات لجذب العملاء الجدد للعلامة التجارية، وهو ما يسميه قطاع الصناعة “اجتياح ساحة السوق”. قال فارلي “إن هذا يعني أنك تصمم السيارة على تصميم مختلف تماما عما لو كنت تريد أن يشعر عملاؤك الحاليون بالراحة”.

أحد عناصر التصميم الجديد يضم التركيز على الديناميكا الهوائية، بمساعدة شراكة “فورد” المرتقبة في الفورمولا 1 مع “ريد بول”. أدريان نيوي، كبير مسؤولي التكنولوجيا في فريق ريد بول ريسينج، ساعد “فورد” على تشكيل طرزها المستقبلية لتجنب المقاومة، التي تعتقد شركة صناعة السيارات أنها قد تساعد على تقليل حجم البطاريات وتوفير التكاليف في الطرز الاستهلاكية.

قال فارلي “هذا الرجل يستطيع أن يرى الهواء. السيارات الكهربائية الأولى تشبه المركبات ذات المحرك كثيرا، لكن شكلها أفضل. أما السيارات الثانية فلن تبدو كذلك”.

يجب أن ينجح البحث عن عملاء جدد لأن الشركة تتخلى عن قطاعات معينة في سعيها إلى خفض التكاليف. في أوروبا، مثلا، توقفت الشركة عن إنتاج طرز فيستا الصغيرة والرخيصة، التي كانت تجلب السائقين الشباب قبل أن ينتقلوا إلى الأنواع الأكبر، إلى طرز فوكاس، وفي النهاية إلى سيارات مونديو أو إس-ماكس الأكبر حجما، وهو أسلوب طبقته أيضا شركات فولكسواجن وبيجو وتويوتا.

مع ذلك، فإن خطط “فورد” الإبداعية وصعبة المنال معلقة على ما إذا كان بإمكانها كسب المال في صناعة يحتدم التنافس فيها.

قال ستيف براون، المحلل في وكالة فيتش للتصنيف الائتماني “خطتها لتوليد الأموال للاستثمار في السيارات المتصلة بالإنترنت والكهربائية تعتمد على تحسين ربحية فورد بلو”، وهو قسم الشركة المخصص للسيارات والشاحنات التي تعمل بالبنزين وتستهدف المستهلكين.

قال “هل يمكنها الاستمرار في الاستثمار -في المركبات الكهربائية والمركبات المتصلة بالإنترنت- إذا لم تجن الشركة سبعة مليارات دولار كاملة؟ ربما. لكن فيما يتعلق بالخطة الشاملة والوصول إلى مستهدفات الهامش التي وضعوها (…) كلها متعلقة ببعضها نوعا ما”.

وعد كومار جالهوترا رئيس الشركة، بأن الهندسة والتصنيع وإدارة سلسلة التوريد ستتحسن جميعها. تجري الشركة فحوصات صارمة أكثر للسيارات والشاحنات، الأمر الذي “سيخفض تكاليف الضمان والاستدعاء”، وهو صراع طويل تواجهه “فورد”.

عملت الشركة أيضا على استقرار عملياتها في 125 موردا، ووعدت بالاستغناء عن الذين يعطلون عمليات “فورد” على نحو متكرر. في الوقت نفسه، تتطلع “فورد” إلى دفع مبالغ أقل مقابل قطع الغيار، إذ وجدت وفورات تزيد على 500 مليون دولار حتى الآن.

تريد شركة صناعة السيارات تقليل التعقيد في السيارة والخيارات المتاحة للمستهلكين. في العامين الماضيين، خفضت عدد التوليفات المحتملة التي يمكن للمشتري طلبها لسيارة فورد إكسبلورر، سيارة رياضية متعددة الاستخدامات، من 1900 حزمة مواصفات إلى 23.

قال جالهوترا “إن تقليل التعقيدات من شأنه أن يرفع الجودة مع خفض تكاليف المواد والنفقات العامة، لأن وجود أجزاء أقل يعني أجزاء أقل تتطلب الهندسة، وأجزاء أقل تتطلب التصنيع، وأجزاء أقل تتطلب فحصا، وأجزاء أقل تتطلب تسلسلا في تصنيع. وهذا يعني خفض تكاليف المرافق الهندسية والأدوات والتصنيع”.

تراهن “فورد” أيضا على أن تاريخها الغني في صناعة المركبات التجارية، من مجموعة شاحنات “فان” ترانزيت إلى شاحنات “بيك أب” السلسلة إف وسوبر ديوتي، سيسمح لها ببيع خدمات ذات هامش ربح مرتفع لعملائها من الشركات.

قال تيد كانيس، رئيس “فورد برو”، ذراع المركبات التجارية التي تم تأسيسها عندما أعادت شركة فورد تنظيم نفسها العام الماضي “اليوم، لدينا ما يقارب 400 ألف اشتراك مدفوع للبرمجيات لحلول مثل الاتصالات عن بعد وبرامج إدارة شحن البطارية”. وهو يتوقع أن تنمو الاشتراكات ثلاثة أضعاف بحلول 2026، وأن تمثل الخدمات خمس أرباح “فورد” بحلول ذلك الوقت.

تعتقد المجموعة أن بإمكانها إقناع أصحاب الشركات بدفع ما يصل إلى خمسة آلاف دولار لكل مركبة مقابل تشكيلة متنوعة من الخدمات بما فيها التأمين الذكي والقيادة دون استخدام اليدين.

لكن في الوقت نفسه، تدرك “فورد” تماما أنه يجب عليها الوفاء بوعودها الكبيرة.

قال براون من وكالة فيتش “لقد وضعت مستهدفات علنية ستحاسبهم عليها وول ستريت. الأمر كله يتعلق بتنفيذ تلك الأشياء الآن”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى