أخبار عاجلةمنوعات اقتصادية

كيف تدير استثماراتك في أسواق المال متجاوزاً معضلة الأحمق الكبير؟

غير أسطورة استراتيجيات الحرب الصيني “صن تزو” الطريقة التي تدار بها المعارك من خلال أشهر أعماله كتاب “فن الحرب” والذي يعد بمثابة دليل لكسب الحروب والصراعات.
كتب صن تزو في فن الحرب “أولئك الذين يفوزون في كل معركة لا يتمتعون بالمهارة، أما من يجعلون جيوش الآخرين عديمة الفائدة دون قتال فهم الأفضل على الإطلاق”. هذا “القتال دون صراع” هو تحد عقلي أكثر من كونه قتالا جسديا حقيقيا.

 

من الصعب دوما الإبحار في سوق الأسهم بسهولة دون عوائق، ويشبه الاستثمار إلى حد كبير الاستعداد للمعارك. كلاهما يتطلب تقييم الموقف ووضع الاستراتيجيات وإجراء البحوث المتعمقة وإدارة المخاطر ووضع السيناريوهات. في بعض الأحيان تعتقد أن ذلك كله سهل لكن تلك ليست الحقيقة.
نظرية الأحمق الأكبر الدافع وراء المضاربات

عليك دائما أن تكون على دراية كافية ووعي بالسوق وألا تنقاد دوما وراء الرهانات الخاطئة. يرى البعض أن السوق يمكن دخولها في أي وقت ومن أي اتجاه اعتمادا على نظرية “الأحمق الأكبر”، التي تقول بأن المرء يمكنه الاستفادة دوما من فقاعة السوق عن طريق شراء أصول مرتفعة الثمن وبيعها لاحقا لتحقيق ربح لأنه سيكون هناك دائما مشترون مستعدون لدفع مقابل أكبر.

 

بالطبع المضاربون الذين يعتمدون على تلك النظرية كثيرا ما يواجهون صعوبات حين لا تتحقق عند حدوث تصحيح. النظرية كلها تستند إلى ربح المال عبر التكهن بزيادة الأسعار مستقبلا بغض النظر عن ظروف السوق، وهي تفترض أنه لا يوجد أحمق واحد في السوق لكن يوجد كثيرون. وتقوم آلية الاستثمار بهذه الطريقة على تشكيل فقاعات مضاربة قد تنفجر يومًا وتؤدي إلى أزمة. وهي لا تعد دائمًا بمنح عوائد أعلى وقد تكون شديدة الضرر بالمستثمرين لأنها لا تستند إلى القيمة الجوهرية للأصل وتوقعات تحقيقه لعائد أعلى في المستقبل إنما تتمحور حول كسب المال من خلال المضاربة على الزيادة في الأسعار المستقبلية بغض النظر عن أوضاع السوق.

 

لكن في الحقيقة فإن الاستثمار الناجح هو أكثر من القدرة على اختيار سهم جيد لأنك ستندهش حين تعلم أن معظم المستثمرين يمكنهم فعل ذلك. التميز هو الزاوية التي تختار من خلالها السهم ووجود زاوية فريدة يمكن أن يضع شبكة أمان وراء عملياتك، وهو أمر ضروري إذا كنت ستضع الاحتمالات في صالحك. لا تنس أبدا أن الاستثمار عبارة عن لعبة احتمالات، وستحصل على مكافأة ليس فقط من خلال توقع الاحتمالات الصحيحة في ظل وجود إشارات على أنك تسير في الاتجاه الصحيح وإنما أيضا من خلال إدارة الخسائر عندما لا تسير الأمور كما هو مخطط لها.

 

الأمر الأكثر أهمية أنك ستتكبد خسائر، فعليك أن تتوقع المرور بفترات تخسر فيها وهذا الأمر أكثر أهمية لأن معظم الناس يجدون صعوبة في قبول حقيقة أنهم كانوا مخطئين. ويؤدي هذا أحيانا إلى خسائر تفوق الأرباح لذلك فإن معظم المستثمرين لا يصمدون أمام اختبار الزمن. فالمستثمرون قد لا يخشون كلهم المخاطرة وهم ليسوا ضدها لأسباب متنوعة لكنهم ضد الخسارة واحتمال الخسارة يؤثر بشكل كبير على قراراتهم.

 

نظرية السوق الفعالة

 

يتبنى آخرون نظرة أخرى ترى أن الأسواق تتسم بالكفاءة على نطاق واسع. وتفترض نظرية السوق الفعالة أن أسعار الأسهم تعكس جميع المعلومات، وأن أداء السهم يتسق مع العناصر الأساسية. لذلك، سيكون من المستحيل التفوق في الأداء على السوق ككل من خلال اختيار الأسهم أو توقيت السوق وأن الطريقة الوحيدة التي يمكن للمستثمر بها الحصول على عوائد أعلى هي من خلال شراء استثمارات أعلى مخاطرة. يشجع أنصار هذه النظرية المستثمرين على الاستفادة من الاستثمار في المحافظ الخاملة، أما معارضوها يعتقدون أنه بالإمكان التغلب على السوق وأنه يمكن للأسهم أن تنحرف عن قيمها العادلة.

 

ما الذي يحرك الأسواق في المدى القصير؟

 

 

في عام 2020، انضم نحو 24 مليون مستثمر جديد إلى سوق الأسهم مدعومين بالتحفيز الحكومي وعدم وجود مجالات أخرى للاستثمار. وقام هؤلاء المستثمرون الجدد بضخ أموال في الأسهم الأكثر رواجا. يفسر العلماء حماسة المستثمرين الجدد بأنها ترجع للمشاعر الإيجابية الناجمة عن مجموعة متنوعة من الأفعال البشرية ومنها الشراء، ويقولون إن المخ يطلق مادة الدوبامين الكيميائية التي تسبب الشعور بالسعادة حين يشتري الناس أشياء، لذلك بالنسبة للكثيرين، يعد شراء أي شيء طريقة سهلة لتلبية الاحتياج الفطري للشعور بالرضا. فالناس يحبون فقط امتلاك الأشياء وهم بحاجة حقا للشعور بالرضا.
ما حدث بعد ذلك كان ارتفاعا كبيرا في الأسهم التي أراد هؤلاء المستثمرون الجدد شراءها، ومن هنا ولد جيل “الميم” وكون فقاعة أخرى سيجري دراستها تاريخيا. ولكن مثل العديد من الفقاعات من الجيد التفكير في الخطأ الذي حدث وما الذي يجب فعله بعد ذلك.
من الجيد التعرف على ما يحرك الأسواق على المدى القصير لأنه سيمكنك من إدارة مشاعرك. الخلاصة أنه من المستبعد أن تؤدي محاولة التنبؤ بالتقلبات قصيرة الأجل في أسهم معينة أو سوق الأسهم أو الاقتصاد إلى نتائج ناجحة باستمرار. التطورات المستقبلية لا تتسم باليقين على المدى القصير. سيظل عدم اليقين موجودا دائما، بغض النظر عن رغبتنا في معرفة ما ستفعله السوق بعد ذلك. لا يمكن توقع المستقبل ولا أحد يستطيع أن يتنبأ به، لذلك الجواب هو تجاهل النبوءات والاستمرار في طريقك.
كيف تتعامل مع السوق
نحن نعيش في عالم يتسم بالدورية. يتم استبعاد المكون غير المنتظم في سلسلة زمنية تاركا فقط الاختلافات المنتظمة أو الدورية حول الاتجاه العام والتي تظهر سلسلة من مراحل النمو والانكماش. العديد من الأشياء في عالم اليوم تتبع نمطا أو تحدث في فترات يمكن التنبؤ بها. دورات المناخ والطقس والدورات البيولوجية والعضوية والدورات الزراعية والطبية كل هذه ليست سوى أمثلة قليلة.
سوق الأوراق المالية أيضا دورية. ومع ذلك فإن النظرة الذهنية للاستثمار والتداول تؤثر بشكل عام على تحركات الأسعار في الأسواق. هنا يمكنك أن تكتسب ميزة نفسية متجاوزا الجمهور العام. يشير مؤيدو ذلك الاتجاه إلى أن تغير الأسعار على المدى الطويل يأتي كنتيجة للظروف الاقتصادية، بينما تنجم التحولات قصيرة المدى عن تصورات الجمهور المتغيرة.
يقول أولئك إن تاريخ دورة المضاربة يعيد نفسه مرارا وتكرارا، فمن نموذج زهرة التيوليب إلى أسهم الإنترنت النمط هو نفسه لكنه يأتي بأشكال مختلفة فقط.
الاستثمار هو ممارسة ضبط النفس أثناء التداول وليس التنافس مع الآخرين، إذ إن أسوأ عدو للمستثمر هو نفسه.
كيف تحدد دورة المضاربة؟

 

 

تتسم في البداية بارتفاع الأسعار مع القليل من الاهتمام العام أو حتى من دونه، يصاحب ذلك تقلبات طفيفة واهتمام عام محدود وأحجام صغيرة وبعض الاهتمام قصير الأجل. لا أحد يتحدث عن السوق على نطاق واسع وقلة فقط يعتقدون أن هذه قد تكون فرصة طويلة الأجل. يتسم حجم التداول بالانخفاض والشركات لا تعلن أنباء.

 

يتسم البائعون والمشترون بالتشابه. يعتقد بعض المستثمرين أن الدورة ستنتهي وبالتالي يتوقعون حدوث تحول. تبلغ الأسعار نظريا أدنى مستوياتها السابقة بعد البيع.

 

ترتفع السوق ببطء، يتجه نظر الجمهور العام لها لكنهم يريدون انتظار فرصة أفضل للدخول. تستمر الأسعار في الارتفاع وتبدأ في جذب انتباه وسائل الإعلام. أخيرا يضطر المستثمرون إلى الشراء بأي سعر مدفوعين عادة برغبتهم في عدم تفويت الفرصة. تنشر وسائل الإعلام أخبارا رائعة ويكون خبراء السوق في وضع تقديم تنبؤات كاملة، وسيفكر بعض المستثمرين أن هذا أمر سهل. مع الوقت ثمة نقص في البائعين وزيادة في المشترين. عندما يضع كل المشترين أيديهم على ما يريدونه من أسهم يبدأ التحول. تستمر الأسعار في الانخفاض للحد الذي لا يستطيع فيه المشترون تحمل الألم، تصبح الأسعار رخيصة بما يكفي للمشترين على المدى الطويل للدخول إلى السوق، ثم تبدأ الدورة من جديد.

 

ماذا عليك أن تفعل؟

 

استخدم الأنماط الدورية للأسواق والأسهم للمساعدة في تحديد توقيت الدخول. التحلي بالصبر وانتظار الوقت المناسب يمكن أن يوفر عليك الكثير من التوتر وبالطبع الكثير من المال. حدد موقع تلك الدورة، هل هي في البداية أم الوسط أم النهاية، قم باختيار قائمتك من الأسهم. احتفظ بقائمة مراقبة للأسهم الخاصة بك. وتأكد من معرفة ما تريد شراءه، وعند أي مستوى وتقييم، وإلى أي مدى ترغب في المخاطرة. الاستعداد هو نصف المعركة. الكل أكبر مستثمر في العالم لكن بعد فوات الأوان. المستثمر الكبير “بيتر لينش” قال ذات مرة “أهم درس تعلمته لأكون مستثمرا ناجحا هو الحاجة للحفاظ على الانفصال العاطفي”.

 

اختر زاويتك

 

ابحث عن الشركات التي لا تغطيها شركات البحوث وتقييمات الخبراء. يمكن أن تشمل هذه الاكتتابات الأولية والإدراجات الثانوية والأسهم المقسمة والشركات المنفصلة والأوراق المالية غير الشهيرة. ابحث عن الأسهم التي يتجاهلها محللو الأبحاث ونتيجة ذلك يتم تداولها بهوامش منخفضة. ابحث أيضا عن الشركات التي أعلنت تغييرات استراتيجية. تذكر أنك تشتري هامش أمان وأن السوق حين تسوء الأوضاع سيشهد بيعا بلا تمييز.

كن مناقضا، اذهب في عكس اتجاه القطيع ستفوز بالكثير. تأكد من وجود محفز لتحويل السعر إلى قيمة. لا تشتر سهما لأنه رخيص فقط ولكن لأن هناك محفزا إضافيا لتحويل السعر إلى القيمة.
احم رأس المال الخاص بك، إذا لم تتمكن من فهم ما يحدث، فابق بعيدا عن السوق وتذكر أنك لن تُعاقب لمجرد أنك لم تربح.
وأخيرا كما يقول صن تزو “سيفوز من يعرف متى يقاتل ومتى لا يقاتل”.
المصادر: أرقام- فوربس- سيكنج ألفا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى