أخبار عاجلةاقتصاد دوليمقالات اقتصادية

كيف يؤثر تباطؤ التضخم على قرار بنك إنجلترا

كتب أسامة صالح 

تترقب الأسواق العالمية إصدار بنك إنجلترا لقرار الفائدة الأخير لهذا العام، والذي عادة ما يكون له تأثير قوي للغاية على تحركات الجنيه الإسترليني في سوق العملات العالمي، بعدما قررت لجنة السياسة النقدية بالاجتماع السابق رفع الفائدة بواقع 75 نقطة أساس إلى 3.00%.

وفيما يلي استعراضا للأوضاع الاقتصادية الحالية داخل المملكة المتحدة وأبرز تطوراتها منذ اجتماع بنك إنجلترا السابق في بداية نوفمبر، حيث تؤثر البيانات الاقتصادية بشكل أساسي على قرارات السياسة النقدية للبنك.

أولا: الأوضاع الاقتصادية بالمملكة المتحدة وتأثيرها على قرار بنك إنجلترا:

على الصعيد الاقتصادي، صدرت العديد من البيانات الاقتصادية الهامة الخاصة بأداء الاقتصاد وسوق العمل وكذلك مؤشرات الأسعار للمستهلكين والمنتجين.

وكانت بيانات الناتج المحلي الإجمالي قد أظهرت نموه خلال أكتوبر الماضي بأعلى من توقعات الأسواق على أساس شهري، بعدما سجل انكماشا خلال الشهرين السابقين بما يفوق توقعات الأسواق للشهر الثاني على التوالي، في حين أوضحت البيانات الأولية انكماش الاقتصاد خلال الربع الماضي.

وفي ظل تزايد التوقعات الحكومية وكذلك توقعات المؤسسات المالية الكبرى بركود الاقتصاد البريطاني خلال العام المقبل، فقد زادت تلك البيانات من الضغوط على بنك إنجلترا، حيث وضعت حدا لقدرة البنك المركزي على رفع الفائدة بقوة لكبح معدلات التضخم المرتفعة التي سجلتها البلاد على مدار الأشهر الماضية.

وفي هذا الصدد، أوضحت بيانات التضخم لشهر أكتوبر ارتفاع أسعار المستهلكين بأعلى وتيرة لها منذ أكثر من 4 عقود لتسجل 11.1%، ولكن البيانات الصادرة اليوم أوضحت تباطؤه بما يفوق توقعات الأسواق لتسجل 10.7%، وهو ما قد يدعم توجه بنك إنجلترا نحو الاكتفاء بوتيرة أقل قوة في رفعه لأسعار الفائدة.

وبالنسبة لسوق العمل، فلم تكن الأوضاع جيدة، حيث ارتفعت طلبات إعانات البطالة البريطانية بما يفوق 9 أضعاف التوقعات، مما يعني أن سياسة بنك إنجلترا المتشددة قد ألقى بثقله على سوق العمل الأقوى عالميا.

وكانت بيانات مؤشرات مديري المشتريات الصادرة بنهاية نوفمبر قد أوضحت استمرار انكماش القطاعين التصنيعي والخدمي بالمملكة المتحدة، وإن كان الانكماش قد جاء أقل من توقعات الأسواق، وهو ما يعكس تباطؤ النشاط الاقتصادي الذي سينعكس على النمو، وبالتالي يحد أيضا من احتمالية توجه بنك إنجلترا للتشديد القوي.

ثانيا: أبرز تقارير وتصريحات أعضاء بنك إنجلترا:

أوضح بنك إنجلترا في تقريره للاستقرار المالي أمس بأن الضغوط المالية قد زادت بشكل كبير على الشركات بفعل السياسة النقدية المتشددة للغاية، وأضاف أنه يتوقع تفاقم الضغوطات المالية على الأسر خلال عام 2023.

وفي نفس الوقت، أفاد عضو بنك إنجلترا هوو بيل أن الطلب قد شهد تباطؤا واضحا في ظل تراجع الدخل الحقيقي، وأشار إلى أن أزمة سلاسل التوريد قد شهدت تحسنا كبيرا أيضا، وأوضح بأن بنك إنجلترا لا يستهدف بشكل أساسي الوصول بمعدل الفائدة النهائي إلى 5.25%، الذي تسعره الأسواق بالفترة الأخيرة.

ومن جانبه، فقد أكد محافظ بنك إنجلترا أندرو بايلي على قوة سوق العمل البريطاني، وصرح بأن البنك يستهدف تبني إجراءات للتشديد الكمي، ولكنه لم يحدد حجمها أو موعد تطبيقها بعد، كما شدد على بنك إنجلترا لا يزال أمامه المزيد من التشديد لتطبيقه بالسياسة النقدية، ولكنه أوضح أن الأثر الكامل للقرارات لا يزال لم يظهر بعد.

ومن ناحية أخرى، فقد صرح المحافظ، بأنه على استعداد لعكس مسار معدلات الفائدة في حال تطورت الأوضاع الاقتصادية بشكل سلبي للغاية، رغم انحيازه للاستمرار بالتشديد النقدي.

ثالثا: توقعات أبرز البنوك والمؤسسات المالية الكبرى:

يتوقع بنك الاستثمار الأمريكي جي بي مورجان (NYSE:JPM) إبطاء بنك إنجلترا وتيرة رفعه لأسعار الفائدة والاكتفاء برفعها بواقع 50 نقطة، على أن يصل بها إلى مستوى 4.25% بالربع الأول من 2023.

وفي هذا الصدد، أوضح مسح وكالة رويترز توقعات أغلبية الاقتصاديين أن يرفع بنك إنجلترا الفائدة بواقع 50 نقطة أساس أيضا، على أن يتراوح المعدل النهائي للفائدة بين 3.50% و 4.75%.

كما يتوقع بنك TDS أن يرفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة بواقع 50 نقطة أساس، لتصل إلى ذروتها عند 4.25%.

رابعا: السيناريو المتوقع لقرارات بنك إنجلترا :

وفي ظل البيانات والتصريحات السابقة، فإن السيناريو المتوقع لقرار بنك إنجلترا ينحصر على الأغلب فيما يلي:

السيناريو الأول:
وهو الأرجح، أن يكتفي بنك إنجلترا برفع أسعار الفائدة بواقع 50 نقطة أساس، وأن يوضح بيان السياسة ومحافظ البنك بالمؤتمر الصحفي أن القرار جاء في ظل ظهور علامات على تباطؤ الطلب وتحسن أزمة سلاسل التوريد، مما دفع البنك لإبطاء وتيرة التشديد النقدي للحد من التداعيات السلبية على النمو الاقتصادي، وهذا من شأنه دعم الجنيه الاسترليني، وإن كان بشكل محدود.

السيناريو الثاني:
أن يرفع بنك إنجلترا الفائدة بواقع 75 نقطة أساس، للتأكد من إبطاء التضخم بشكل أسرع، ليشير المحافظ بعدها إلى توجه البنك لإبطاء وتيرة التشديد باجتماعاته القادمة، وهو من شأنه دعم الجنيه الإسترليني بقوة في سوق العملات العالمي، خاصة في ظل تزامن قرار بنك إنجلترا مع قرارات العديد من البنوك الأخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى