مقالات اقتصادية

لماذا باتت دول الخليج وجهة مفضلة للسفن السياحية العملاقة

كتب أسامة صالح 

أصبحت دول مجلس التعاون الخليجي في السنوات الأخيرة الماضية من أهم الوجهات للسفن السياحية القادمة من مختلف دول العالم، ويشهد الموسم السياحي الحالي تزايد إقبال تلك السفن الفخمة.

وعملت دول مجلس التعاون الخليجي على تطوير موانئها وتجهيزها لتكون من المحطات المهمة للسفن السياحية الكبيرة التي تجوب العالم، ويأتي هذا الاهتمام لإدراك الحكومات الخليجية أهمية السياحة البحرية ودعم تطويرها بما يسهم في دعم الاقتصاد وتنويعه.

المملكة العربية السعودية
في إطار الخطط الخليجية لجذب السفن السياحية استقبل ميناء الملك عبد العزيز بالدمام، في 12 يناير 2023، السفينة “MSC World Europa” وهي أول سفينة سياحية تصله في تاريخه وعلى متنها 6 آلاف سائح.

واعتبرت الهيئة العامة للموانئ، في بيان لها، وصول السفينة لحظة مميزة لشركة “كروز السعودية” وميناء الملك عبد العزيز بالدمام؛ لكونه ميناءً تجارياً يستقبل الحاويات القياسية والبضائع الواردة والصادرة من جميع أنحاء العالم إلى المنطقة الشرقية والوسطى.

وأكدت أن ذلك يأتي اتساقاً مع المبادرة التي أطلقتها الهيئة العامة للموانئ تحت اسم “موانئ” بجذب السفن العالمية إلى الموانئ السعودية وتوفير الخدمات ذات القيمة المضافة، والاستفادة من الموقع الجغرافي للمملكة الذي يتوسط ثلاث قارات، وتماشياً مع مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية بالارتقاء بجودة الحياة في المدن السعودية وترسيخ مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي.

وكشفت موانئ المملكة بأن ميناء الملك عبد العزيز بالدمام سيكون خلال موسم الرحلات السياحية الجاري محطة توقف للسفينة في جولاتها الأسبوعية التي تستمر لمدة 7 أيام مروراً بموانئ دبي وأبوظبي والدوحة.

ومنذ إطلاق الرحلات البحرية في يناير 2021، استقبلت المملكة العربية السعودية أكثر من 70 رحلة بحرية على متنها أكثر من 50 ألف راكب، وفق الموانئ السعودية.

دولة قطر
واستقبل ميناء الدوحة في دولة قطر، يوم 16 يناير 2023 السفينة الألمانية “عايدة كوزماو”، التي تقل على متنها 3624 زائراً، وطاقماً من 1385 فرداً.

وأوضح بيان لموانئ قطر أن الزيارة هي الأولى للسفينة السياحية للسواحل القطرية، وأول رحلة لها من بين 13 رحلة مجدولة خلال الموسم السياحي 2022-2023 الذي يمتد حتى أبريل المقبل.

ويمكن للسفينة استيعاب طاقم من 1636 فرداً، وما يزيد على 6600 راكب موزعين على 20 طابقاً وأكثر من 2700 غرفة، ما يجعلها واحدة من أكبر السفن السياحية ضمن أسطول الشركة.

واستقبل ميناء الدوحة، في 15 يناير 2023، الباخرة السياحية الإيطالية “كوستا توسكانا” التابعة لشركة كوستا كروزس للرحلات البحرية، وذلك ضمن الجولة الأولى لها في دول مجلس التعاون الخليجي .

وتشير وكالة الأنباء القطرية إلى أن زيارة السفن السياحية تأتي ضمن موسم الرحلات البحرية 2022 – 2023 في قطر، الذي انطلق في ديسمبر الماضي مع وصول الباخرة السياحية الفرنسية “لو بوغانفيل” ويستمر حتى أبريل المقبل، ومن المقرر أن يشهد الموسم الحالي وصول 58 سفينة سياحية عالمية، بالإضافة إلى 4 شركات سياحية تدشن رحلاتها الأولى إلى دولة قطر.

وساهم قطاع الرحلات البحرية في دولة قطر في تعزيز مكانة الدولة الخليجية كوجهة رائدة للسياحة البحرية في المنطقة، حيث يدعم القطاع نمو الاقتصاد القطري من خلال زيادة الإنفاق السياحي وتوفير المزيد من فرص التوظيف والأعمال.

ومنذ عودة سياحة الرحلات البحرية في الموسم 2021 – 2022 بعد توقفها بسبب جائحة كورونا، سجل قطاع الرحلات البحرية في قطر نمواً كبيراً، حيث استقبل ميناء الدوحة، في ديسمبر الماضي، حوالي 8 آلاف زائر، جاء معظمهم من إيطاليا وروسيا، فيما بلغ إجمالي عدد الزوار خلال الموسم السابق أكثر من 100 ألف مسافر، بحسب وكالة الأنباء القطرية.

وتستوعب محطة المسافرين الجديدة في ميناء الدوحة ما يصل إلى 12 ألف مسافر يومياً، كما يتميز الميناء بموقعه الاستراتيجي في قلب الدوحة.

دولة الإمارات العربية المتحدة
بدورها استقبلت دولة الإمارات العربية المتحدة أول سفينة للرحلات السياحية البحرية في الموسم الحالي لترسو في “دبي هاربر”، يوم 17 نوفمبر 2022، مع الإشارة إلى أن “دبي هاربر” أول وجهة في المنطقة تستضيف سفينتين سياحيتين صديقتين للبيئة، هما “عايدة كوزما” و”كوستا توسكانا”.

ورجحت حكومة دبي، ببيان لها في 19 نوفمبر الماضي، استقبال 46 سفينة وأكثر من 300 ألف سائح خلال موسم الرحلات البحرية الذي يستمر لغاية يونيو 2023.
وتعتبر “محطة دبي هاربر لرحلات السياحة البحرية” أولى المرافق المصممة خصوصاً للرحلات السياحية البحرية على الإطلاق في المنطقة، وتتميز بقربها من مطاري دبي الدوليين، ما يجعل منها موقعاً مثالياً للسياح.

دولة الكويت
وبعد انقطاع طويل استقبل ميناء الشيوخ أول سفينة سياحية تصل إلى دولة الكويت منذ عام 2012، حيث جاءت سفينة “أرتانيا MS ARTANIA” وعلى متنها نحو ألف سائح من الجنسيات الأوروبية، وتشمل جولتها عدداً من الدول الخليجية.

وأوضحت مؤسسة الموانئ الكويتية في بيانها أن “وصول السفينة إلى الكويت يأتي ضمن برنامجها السياحي بزيارة عدد من الموانئ العالمية والعربية والخليجية”.

وأعربت عن أملها في أن يسهم وصول السفينة العملاقة في تنشيط السياحة البحرية في البلاد، وتسريع أعمال توسعة ميناء الشويخ وإعادة تأهيل الأرصفة، إضافة إلى مشروع إنشاء مبنى محطة ركاب السفن السياحية.

وتعد السفينة السياحية “أرتانيا” أكبر سفن أسطول الشركة الألمانية (Phoenix Reisen) إذ يبلغ طولها 231 متراً وعرضها 29 متراً وارتفاعها 9 طوابق.

مملكة البحرين
من جانبها رحّبت هيئة البحرين للسياحة والمعارض بوصول ثلاث بواخر سياحية بين 26 و28 ديسمبر الماضي على متنها ما مجموعه أكثر من 11 ألف سائح، بالتزامن مع انطلاق موسم البواخر السياحية الذي ينتهي في شهر مايو 2023، بالتعاون مع شركة “إيه بي إم تيرمينالز” المشغلة لميناء خليفة بن سلمان.

وكشف ميناء خليفة بن سلمان بأن الباخرة السياحية “إي إس سي وورلد يوروبا” تحمل على متنها 6 آلاف سائح من عدة جنسيات من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا وإسبانيا والمملكة المتحدة.

وعلى صعيد متصل، وصلت الباخرة السياحية الألمانية “عايدة كوسما” إلى ميناء خليفة بن سلمان وعلى متنها 5000 سائح من عدة جنسيات حول العالم.

كما رست الباخرة السياحية الأمريكية “ذي وورلد” على شواطئ البحرين محملة بـ 148 سائحاً من مختلف الجنسيات وطاقم قوامه 285 شخصاً.

وتستعد مملكة البحرين لاستقبال عشرات السفن السياحية، وأكثر من 50 ألف سائح عبر ميناء خليفة بن سلمان خلال الموسم الحالي، بحسب هيئة البحرين للسياحة.
سلطنة عُمان
وعلى غرار دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى تستقبل الموانئ الرئيسية في السلطنة خلال الموسم السياحي السفن العملاقة بمختلف أحجامها.

حيث رست السفينة “أرتانيا” بميناء خصب العماني، في 14 يناير 2023، قادمة من الكويت، ويبلغ عدد السياح فيها 522. كما رست السفينة السياحية “منشيف 6” القادمة من مالطا بميناء خصب قادمة من أبوظبي ومتجهة إلى ميناء السلطان قابوس في مسقط، ويبلغ عدد السياح 2313 سائحاً من جنسيات مختلفة.

واستقبل ميناء السُّلطان، مطلع العام الجاري، السفينة السياحية “إم في إليسيوم” اليونانية التابعة لشركة “إليكسير كروزيز”، في أول زيارة لها إلى السلطنة، كما استقبل ميناء صلالة، في 11 ديسمبر الماضي، السفينة السياحية الإيطالية “كوستا توسكانا”، وعلى متنها 3616 راكباً منهم 2356 سائحاً.

وتعد السلطنة منطقة جذبٍ سياحي مهم لهذه السفن؛ نظراً للموقع المطل على أربع نوافذ بحرية من المحيط الهندي والخليج العربي وبحر عُمان وبحر العرب، ومن المتوقع أن تستقبل الموانئ العمانية خلال هذا الموسم أكثر من 200 رحلة لمختلف السفن واليخوت السياحية من مختلف أقطار العالم.

واستقبلت موانئ سلطنة عمان خلال الموسم الماضي نحو 109 سفن سياحية، وذلك بعد توقف حركة السفن السياحية منذ منتصف مارس 2020، بسبب جائحة كورونا.

تطور ملحوظ
في هذا الإطار يرى احد الخبراء الاقتصاديين ، أن هناك مؤشرات متعددة وإنجازات كبيرة سجلت لدول مجلس التعاون الخليجي، وذلك باستقبال السفن السياحية الضخمة في موانئها، مبيناً أن هذا التطور يأتي في ظل توفر سلسلة من المعطيات اللوجستية والاقتصادية والأمنية المتميزة.

ولفت إلى أن منطقة الخليج أصبحت على خارطة السياحة الدولية في مكسب كبير للمنطقة، لافتاً إلى أن هذا الإنجاز يعتبر انعكاساً للثقة والتميز والتطور الذي حظيت به المنطقة، وذلك على مستوى المرافق السياحية وصناعة الترفيه.

ويبين أن هذا العمل ترافق مع إنجاز عملي تنموي على الأرض، مع وفرة فرص الاستثمار وفرص العمل، والكيانات التجارية المرافقة، كاشفاً أن فكرة الدخول الخليجي للمنافسة الدولية في السياحة البحرية (رحلات الكروز السياحية) لم تكن سهلة، خصوصاً بالمقارنة الأوروبية التي لها تاريخ طويل ومتطور في هذا المجال.

ويعتقد أن استضافة دولة قطر مونديال كأس العالم لكرة القدم، أتاحت فرصة عرض المنطقة في إطار متميز، في الوقت الذي كانت أعين العالم كلها متوجهة إلى المنطقة، سواء بالزيارة المباشرة أو عبر البث التلفزيوني، حيث كانت دول مجلس التعاون الخليجي محط أقدام زوار المونديال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى