اقتصاد دولي

ماذا تفعل إذا أفلست الشركة المصنعة لسيارتك الكهربائية؟

كتب أسامة صالح

يثير تحذير شركة “فيسكر” (Fisker) من أن السيولة النقدية لديها قد تنفد منها في غضون 12 شهراً وسط غياب حقوق ملكية أو ديون جديدة، تساؤلاً جديداً ومقلقاً بالنسبة إلى مالكي السيارات، مفاده: ماذا يحدث إذا أفلست الشركة المصنعة لسيارتك الكهربائية؟.

تعد السيارات الحديثة بمثابة أجهزة كمبيوتر متطورة للغاية في صورة مركبات، كما تعتمد على بطاريات باهظة الثمن وتحديثات برامج منتظمة لتعمل بشكل سليم. لذا يجب على المستهلكين التعمق في بحثهم قبل الشراء، بحيث يشمل تقييم الوضع المالي للشركة المصنعة. وإذا ساورك الشك، ففكّر جيداً في الاستئجار بدلاً من شراء تلك السيارة الجديدة باهظة الثمن.

نشهد اليوم حالات عديدة من الفشل البارز في مجال السيارات الكهربائية وسط تباطؤ الطلب، وارتفاع معدلات الإنفاق والمنافسة التي تضعف الأسعار، لكن هذه الحالات غالباً ما واجهتها شركات ناشئة لم تحقق بعد إيرادات ذات أهمية، مثل الذراع التابعة لشركة “أرايفال” (Arrival SA) بالمملكة المتحدة، وشركة “لوردستاون موتور كورب” (Lordstown Motors Corp) التي يقع مقرها في أوهايو.

المزيد من الاضطرابات

بعد أن باعت “فيسكر” ما يقرب من 5 آلاف سيارة رياضية متعددة الاستخدامات العام الماضي، وبعد تحديد هدفها بتسليم حوالي 21 ألف سيارة في عام 2024، تُعْقَد محادثات مع شركة لصناعة السيارات، يُقال إنها شركة “نيسان موتور”، بالإضافة إلى أحد الحائزين الحاليين لديون الشركة حول الاستثمارات المحتملة، والتي يُحتمل أن تكون أخباراً جيدة.

أريد أن أؤكد أنني لا أقصد بذلك إفلاس “فيسكر”، أو أي من الشركات الأخرى المذكورة أدناه. لكنني أعتقد أنه لا مفر من الاضطرابات المتزايدة في هذا القطاع، وأنا لا أتحدث فقط عن الشركات الغربية المصنعة، في وقت يحتمل أن تبقى 25 أو 30 علامة تجارية فقط من بين أكثر من 150 علامة تجارية صينية لسيارات الطاقة الجديدة في السوق اليوم حتى عام 2030، وفقاً لما توقعته شركة “أليكس بارتنرز” (AlixPartners) الاستشارية.

صعوبة الاستمرار

بعد أن تراجعت شركة “أبل” عن محاولة استمرت لسنوات طويلة لدخول صناعة السيارات الأسبوع الماضي، قال إيلون ماسك عبر منصة التواصل الاجتماعي الخاصة به “إكس”: “المصير الطبيعي لأي شركة صناعة سيارات هو الركود”، وهو أفضل من يعرف ذلك، إذ تبلغ قيمة “تسلا” السوقية 575 مليار دولار، لكنها كادت أن تفلس عدة مرات قبل أن تعلن عن أول ربح سنوي لها في عام 2020.

لدى ماسك شكوك حول مدى صمود الشركات المنافسة مثل “ريفيان أوتوموتيف” (Rivian Automotive) و”لوسيد غروب” (Lucid Group)، نظراً لارتفاع تكاليفها، لكنه بالكاد مراقب محايد، ولا ينبغي لأحد أن يقلل من استعداد المستثمرين لمواصلة استثمار أموالهم في شركات تعاني من أزمة أو مشاكل مالية.

تعتبر شركة “أمازون” (Amazon) المساهم الأكبر في “ريفيان”، حيث لديها وفرة من المال، في حين شبّه رئيس “لوسيد” بيتر رولينسون اعتماد الشركة الناشئة التي تنفق السيولة، على السعودية مالياً، بـ”الاقتران” خلال مقابلة مع “بلومبرغ نيوز” مؤخراً. (تمتلك كلتا الشركتين ما يكفي من النقد لمدة 12 شهراً على الأقل، وفقاً لتقاريرهما السنوية).

تقطع شركة “فولفو كار” (Volvo Car) التمويل عن شركة “بولستار أوتوموتيف هولدينغ يو كيه” (Polestar Automotive Holding UK)، لكن لم يتمكن فرعها المتخصص بالسيارات الكهربائية من الاستفادة من قروض قيمتها حوالي مليار دولار مدتها ثلاث سنوات من البنوك الدولية الأسبوع الماضي، بفضل الدعم المستمر من قبل الشركة المالكة المشاركة “تشيجيانغ جيلي هولدينغز” (Zhejiang Geely Holding).

في الوقت نفسه، حصلت شركة “نيو” (Nio) الصينية للسيارات الكهربائية على دفعة تمويل بقيمة 2.2 مليار دولار من شركة “سي واي في إن هولدينغز” (CYVN Holdings) التابعة لأبوظبي في ديسمبر.

ضرورة البحث

يُحتمل أن تفيد هذه المعلومات العملاء الذين اعتادوا على التحقق من مساحة صندوق السيارة أو أوقات شحنها. يقول نيك باركر، العضو المنتدب في “أليكس بارتنرز”: “قبل إجراء عملية شراء كبيرة، على المستهلكين أن يسألوا عن مدى استقرار وضع العلامة التجارية وصمودها، وهل سيتهرب المساهمون فيها من مسؤوليتهم إذا حدث خطأ ما؟”.

وليطمئن مشتري السيارات، فلا يعتبر الإفلاس في كثير من الأحيان نهاية الطريق، إذ تتم إعادة هيكلة الديون، أو تتدفق أموال جديدة، أو يتم بيع أفضل الأصول. ومع ذلك، قد يواجه العملاء مجموعة متنوعة من الصعوبات، ومنها أن المركبات قد تفقد قيمتها، وقد يصعب الحصول على قطع الغيار، كما قد لا يتم الالتزام بالكفالة بالكامل.

تعد ثقة العملاء في الكفالات أمراً رئيسياً عند بيع السيارات الكهربائية، نظراً لأسعار البطاريات المرتفعة، إذ تتوقع شركة “نيكولا” (Nikola)، على سبيل المثال، أن يتسبب سحب أكثر من 200 شاحنة كهربائية ثقيلة من السوق بسبب خلل في البطاريات، بكلفة تصل إلى 66 مليون دولار.

التهرب من الكفالة

من وجهة نظر مشتري السيارات، لا تعتبر الحالات الأخيرة من الضائقة المالية التي شهدتها بعض الشركات مشجعة على الشراء. عندما أفلست “فيسكر أوتوموتيف” شركة السيارات الأولى التابعة لهنريك فيسكر، في عام 2013، أُخطر العملاء الذين دفعوا أكثر من 100 ألف دولار مقابل سيارة “فيسكر كارما” (Fisker Karma) بأن تغطية الكفالة الخاصة بهم سيتم تحديدها وفقاً لبضعة آلاف من الدولارات فقط.

بعد تقديم طلب الإفلاس العام الماضي، قالت “لوردستاون موتورز” (Lordstown Motors) إنها غير قادرة على الالتزام بكفالة سياراتها. حيث سُمح للجهات المدينة بإعادة شراء ما يقرب من 35 شاحنة صغيرة (نعم، 35 فقط) تُباع حتى الآن مقابل 31 ألف دولار، أو أقل من نصف سعر الشراء الأصلي.

تقول شركة “فونيكس موتور” (Phoenix Motor) إنها حصلت على قدر “كبير” من طلبات الالتزام بالكفالات عندما استحوذت على أصول شركة صناعة الحافلات الكهربائية “بروتيرا” (Proterra) للحماية من الإفلاس بموجب الفصل 11 في يناير.

أضافت: “أردنا خدمة عملائنا والحفاظ على علاقاتنا بهم وعدم الاضطرار للقول: “عذراً، الكفالة ليست مسؤوليتنا”، وفقاً لما قاله مارك هاستينغز، كبير مسؤولي الاستثمار في “فونيكس”، خلال مكالمة للمستثمرين.

قلق عارم

مع ذلك، أعرب العديد من العملاء عن قلقهم العارم من افتقار “فونيكس” إلى الموارد المالية للوفاء بهذه الالتزامات: حذرت الشركة الجديدة المالكة من استمرارها كمصدر قلق، كما يُقال إن عدداً من الشاحنات التي باعتها “بروتيرا” والتي يتجاوز عددها ألف شاحنة، غير صالحة للعمل بسبب المشاكل التقنية التي تسبق إفلاسها.

تسعى “فونيكس” إلى مساعدة العملاء المتأثرين بنقص المكونات الناجم عن الإفلاس، كما أخبرني أحد الممثلين للشركة عبر البريد الإلكتروني. ستمكّنها العقود والأصول المكتسبة من “تسريع الإيرادات”، والاستفادة من تمويل الأسهم والديون لتمويل أعمالها بشكل كافٍ.

هناك عامل جديد ومهم محتمل يجب على مالكي السيارات التفكير فيه وهو ما إذا كانت برمجيات السيارات ستظل مدعومة بعد الإفلاس. تعتمد السيارات الحديثة على التحديثات اللاسلكية لإصلاح الخلل وتحسين أداء السيارة. في بعض الحالات، تتوفر خدمات معينة فقط عن طريق الاشتراك بها. خلال مكالمة الأرباح الأخيرة، تحدثت “فيسكر” مطولاً عن أهمية هذه التحديثات، والتي تساعد في تهدئة العملاء الذين اشتكوا من أن المركبات لم تعمل بشكل سليم.

للحصول على لمحة مسبقة عما قد يحدث إذا توقفت هذه التحديثات، فكر في الضجة التي أثيرت هذا الأسبوع عندما أعلنت “نيسان” أنها ستسحب تطبيقاً للسيارات مخصص للإصدارات القديمة من سيارتها الكهربائية “ليف” (Leaf). أبدى العملاء إحباطهم من أن نقطة بيع رئيسية للسيارة-التحكم عن بُعد في وظائف مثل التدفئة والشحن-ستختفي فحسب.

لحسن الحظ، لا يحتاج العملاء إلى الإفراط في التفكير في أسوأ السيناريوهات وما قد يحصل: يمكنهم استئجار سيارة بدلاً من ذلك.

مخاطر عدم الصلاحية التكنولوجية، والاستهلاك السريع للسيارات الكهربائية من المبررات القوية بالفعل التي تدفع لاستئجار السيارات بدلاً من شرائها، وكذلك توافر الإعانات في الولايات المتحدة. الخطر، مهما كان ضئيلاً، من نفاد أموال شركة صناعة سيارات يجعل الاستئجار أمراً لا يحتاج إلى تفكير: إذا أفلست الشركة، فما عليك سوى إعادة المفاتيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى