اقتصاد دولي

هل تواصل مصر رفع أسعار الفائدة مع مستوى غير مسبوق للتضخم؟

بعد أكبر زيادة في معدل الفائدة في مصر أعلنها البنك المركزي المصري قبل أيام، توقع بنك “جي بي مورغان”، أن يرفع البنك المركزي المصري سعر الفائدة الرئيس 200 نقطة أساس، مرة أخرى، في وقت لاحق من هذا الشهر، وسط مؤشرات إلى أن التضخم يتجه إلى “مستوى غير مسبوق” بعد الخفض الكبير في قيمة العملة.

وأظهرت قراءة تضخم أسعار المستهلكين في مصر لشهر فبراير (شباط) الماضي أكبر صعود شهري على الإطلاق، إذ قفزت إلى 11.4 في المئة من 1.6 في المئة خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، وهو ما فاق توقعات الاقتصاديين بكثير، بحسب وكالة “رويترز”.

وقال محللون في “جي بي مورغان” في مذكرة بحثية حديثة: “نتوقع الآن زيادة أخرى بمقدار 200 نقطة أساس في سعر الفائدة على الودائع في الاجتماع المقبل، الذي قد يعقد في وقت لاحق من هذا الشهر وفقاً للجدول الزمني للبنك المركزي المصري”. أضافوا أنهم لم يعودوا يرون أي مجال لخفض أسعار الفائدة حتى فبراير من عام 2025.

ضغوط تضخمية عالمية متراكمة

وقبل أيام، وفي اجتماع استثنائي، قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسة للبنك المركزي بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.25 في المئة، 28.25 في المئة و27.75 في المئة، على الترتيب، وتقرر رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.75 في المئة.

وأشار المركزي إلى تأثر الاقتصاد المحلي في الآونة الأخيرة بنقص الموارد من العملات الأجنبية مما أدى إلى ظهور سوق موازية لسعر الصرف وتباطؤ النمو الاقتصادي.

واستمرت التداعيات الخارجية الناجمة عن الضغوط التضخمية العالمية في التراكم تزامناً مع تعرض الاقتصاد العالمي لصدمات متتالية، وأدت تلك الصدمات وتداعياتها إلى ارتفاع حالة عدم اليقين وتوقعات التضخم، مما زاد من الضغوط التضخمية.

وبحسب البيان، أدت تحركات سعر الصرف الناجمة عن ذلك إضافة لارتفاع الأسعار العالمية للسلع الأساسية إلى جانب صدمات العرض المحلية، إلى استمرارية الضغوط التضخمية التي دفعت بدورها معدل التضخم العام إلى تسجيل مستويات قياسية. وعلى رغم تباطؤ معدلات التضخم السنوية أخيراً، فإنه من المتوقع أن تتخطى المعدل المستهدف والمعلن من قبل البنك المركزي المصري البالغ سبعة في المئة (±2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024.

وشدد البنك المركزي المصري على التزامه بالحفاظ على استقرار الأسعار على المدى المتوسط، وتحقيقاً لذلك، يلتزم البنك المركزي بمواصلة جهوده للتحول نحو إطار مرن لاستهداف التضخم، وذلك من خلال الاستمرار في استهداف التضخم كمرتكز اسمي للسياسة النقدية مع السماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقاً لآليات السوق، ويعتبر توحيد سعر الصرف إجراء بالغ الأهمية، إذ يسهم في القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي في أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوقين الرسمية والموازية، وفي الوقت الحالي، يجري تداول الدولار في البنوك عند مستوى أقل من 50 جنيهاً، مع توقف تام للسوق السوداء.

العجز التجاري يصعد بأكثر من 17 في المئة في ديسمبر

ووفق النشرة الشهرية لبيانات التجارة الخارجية لشهر ديسمبر (كانون الأول) 2023 والصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغت قيمة العجز في الميزان التجاري نحو 3.03 مليار دولار خلال ديسمبر 2023 مقابل 2.57 مليار دولار للشهر نفسه من العام السابق بنسبة ارتفاع قدرها 17.8 في المئة.

وانخفضت قيمة الصادرات بنسبة 23 في المئة، إذ بلغت 3.48 مليار دولار خلال ديسمبر 2023 مقابل 4.52 مليار دولار للشهر نفسه من العام السابق، ويرجع ذلك إلى خفض قيمة صادرات بعض السلع وأهمها: (أسمدة بنسبة 48.8 في المئة، منتجات البترول بنسبة 46.8 في المئة، الغاز الطبيعي والمسال بنسبة 88.1 في المئة لدائن بأشكالها الأولية بنسبة 35.5 في المئة.

بينما ارتفعت قيمة صادرات بعض السلع خلال ديسمبر الماضي مقابل مثيلتها للشهر نفسه من العام السابق وأهمها ملابس جاهزة بنسبة 24.9 في المئة، فواكه طازجة بنسبة 3.6 في المئة، بترول خام بنسبة 60.2 في المئة، عجائن ومحضرات غذائية متنوعة بنسبة 5.0 في المئة.

وانخفضت قيمة الواردات بنسبة 8.2 في المئة، إذ بلغت 6.51 مليار دولار خلال ديسمبر 2023 مقابـل 7.09 مليار دولار للشهر نفسه من العام السابق ويرجع ذلك إلى خفض قيمة واردات بعض السلع وأهمها مواد كيماوية عضوية وغير عضوية بنسبة 8.2 في المئة لدائن بأشكالها الأولية بنسبة 17.2 في المئة، فول صويا بنسبة 14.7 في المئة، خشب ومصنوعاته بنسبة 40.5 في المئة.

بينما ارتفعت قيمة واردات بعض السلع خلال ديسمبر 2023 مقابـل مثيلتها للشهر نفسه من العام السابق وأهمها منتجات البترول بنسبة 24.7 في المئة، مواد أولية من حديد أو صلب بنسبة 80.2 في المئة، أدوية ومحضرات صيدلة بنسبة 5.8 في المئة، قمح بنسبة 20.7 في المئة.

ما كلفة رفع الفائدة 6 في المئة؟

وفي تصريحات حديثة، قدر رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري فخري الفقي، كلفة قرار البنك المركزي المصري رفع سعر الفائدة ستة في المئة على الموازنة العامة للدولة خلال الفترة المتبقية من العام المالي الجاري بنحو 60 مليار جنيه (1.224 مليار دولار)، موضحاً أن نسبة الـ1 في المئة من معدل سعر الفائدة الذي قرره البنك المركزي المصري يكلف الموازنة العامة للدولة نحو 30 مليار جنيه (0.612 مليار دولار) طوال العام المالي، وعند حساب الكلفة على أساس الفترة المتبقية من العام وهي ثلث عام فإنها تصل إلى 60 مليار جنيه (1.224 مليار دولار).

في الوقت نفسه توقع مسؤول حكومي أن تكون كلفة قرار البنك المركزي المصري في شأن رفع معدل الفائدة بنحو ستة في المئة على الموازنة العامة بنحو 210 مليارات جنيه (4.285 مليار دولار)، بواقع 35 مليار جنيه لكل واحد في المئة (0.714 مليار دولار)، فيما رجح مسؤول آخر، أن يؤدي رفع سعر الفائدة لزيادة مستوى العجز المستهدف من 7.5 في المئة بنهاية العام المالي الحالي إلى نحو 8.7 في المئة.

وقال إن الزيادة الأخيرة تعد الأكبر من نوعها في مصر، وتستهدف كبح التضخم والقضاء على السوق الموازية للدولار.

وسجل عجز الموازنة خلال أول سبعة أشهر من العام المالي الجاري مستوى 5.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4.4 في المئة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، مسجلاً 789.8 مليار جنيه (16.118 مليار دولار)، بحسب التقرير الشهري لوزارة المالية.

وقالت مصادر مطلعة، إن الحكومة المصرية ستعيد النظر في كافة المؤشرات المالية المستهدفة خلال العام المالي المقبل عقب إقرار مشروع قانون المالية العام الموحد، الذي يعمل على زيادة إيرادات الدولة من 2.1 تريليون جنيه (42.857 مليار دولار) إلى 4.8 تريليون جنيه (97.959 مليار دولار).

وأشارت إلى أنه بحسب المعلن من قبل وزارة التخطيط المصرية فإن العجز المستهدف للعام المالي المقبل هو 7.2 في المئة، إلا أن تحرير سعر صرف الجنيه من ناحية وزيادة سعر الفائدة قد يرفع الدين العام لمستويات مرتفعة، لكن زيادة الإيرادات ستحد من نمو العجز”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى