اقتصاد دولي

هل يبتكر المجتمع الدولي ميثاقا ماليا جديدا؟

تنعقد في باريس ما بين الـ 22 والـ 23 من يونيو (حزيران) الجاري أعمال «القمة العالمية من أجل ميثاق مالي جديد» والتي يحضرها ممثلون عن 100 دولة تقريباً على مختلف المستويات، من رؤساء دول ووزراء ومندوبين حكوميين.
وأعلنت مصادر في الرئاسة الفرنسية أن نصف المشاركين في القمة سيكونون من المجتمع المدني إلى جانب ممثلي صناديق خاصة وممولين ومشجعين ومتبرعين، وكذلك ممثلين لصناديق سيادية والقطاع الخاص، بهدف إيجاد صيغة ميثاق مالي عالمي جديد.
وسيكون الافتتاح بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعنوان «كيفية إنجاز التحول البيئي في ظل تحديات الفقر العظمى»، كما تتوزع النشاطات وورش النقاش على «الإليزيه» و»قصر برونيار» و»الكوليج دو فرانس»، وستدور حول 80 موضوعاً طرحها المجتمع المدني، فيما سيتم استعراض الخلاصات حول مائدة عشاء.
استحقاق وصفه قصر الإليزيه بأنه فرصة للتأكيد على أن المجتمع الدولي ما زال قادراً على العمل في مجال التعاون الدولي، إذ يتعين على الجميع إيجاد الحلول لإنقاذ الكوكب والاستجابة لتحديات التحول البيئي والطاقة.
الهدف الرئيس للقمة البحث عن حلول لمشكلة الديون التي تعانيها الدول الأفريقية بشكل خاص، والتي نجمت عن الأزمات التي عصفت بالعالم ومنها جائحة كورونا والحرب الأوكرانية، مما يضع هذه الدول في مواجهة عبء الدين والتحديات المناخية في آن واحد.
وأشارت مصادر الرئاسة الفرنسية إلى أن القمة تأتي أيضاً للتذكير بأن شرعة الأمم المتحدة والقانون الدولي يجب أن يبقيا الركيزة الأساس لخطط التعاون الدولي، والتأكيد على أن قيم التعددية القطبية هي التي ستفوز وتساعد في إيجاد الحلول لمعظم الرهانات الكبرى. وستعتمد القمة في مناقشاتها على الإحصاءات التي قدمها علماء الاقتصاد في تقريرهم لمناسبة قمة المناخ (كوب-27) والتي قدرت حاجات التمويل للاقتصادات الناشئة لتنفيذ خطط التحول البيئي مع مواصلة محاربة الفقر واللامساواة بنحو تريليون دولار.
ويتطلب التحول البيئي تمويلات كبرى، إذ يتعين تنفيذه بشكل عادل، بما يعني أنه لا يستوجب فقط الاستثمار بشكل كبير في إيجاد تركيبات تحتية للطاقة، بل رؤى استثمارية في التأقلم مع الواقع الجديد مع عدم إهمال استثمارات الصحة والتربية والغذاء. واعتبر الإليزيه أن الدول الغنية تعهدت في كوبنهاغن عام 2009 بتقديم مبلغ 100 مليار لتمويل المناخ سنوياً، وأن هذه المحادثات تجسدت هيكليتها تدريجياً، إلا أنه يتعين على الجميع اعتماد آلية جديدة.
ويشكل 2023 العام الذي سيتم خلاله تنفيذ ما تم التوصل إليه في باريس عام 2021 حين انعقدت القمة لأجل تمويل الاقتصادات الأفريقية، وتم إقرار استخدام عملة دولية عبارة عن حق إصدارات خاصة (أي عملة صندوق النقد الدولي)، كما قدرت مجموعة الـ 20 أن نسب هذه الحقوق الجديدة للإصدارات لإعادة دفع عجلة الاقتصاد والبالغة نحو 100 مليار دولار، ستتم إعادة تخصيصها للدول الأكثر هشاشة.
وتستهدف القمة بحسب الإليزيه إنجاز التحولات اللازمة في النظام المالي، والتحقق من أن النظام الذي يضم مصارف متعددة الجهات، على غرار بنك التنمية والبنك الدولي وبنك المساعدات للتنمية والبنك الأوروبي للتنمية، سيتمكن من الوصول إلى مبالغ أكبر من التي تم الاعلان عنها، إذ إن بعض الدول لا يمكنها الوصول إلى الأسواق المالية، وبالتالي سيكون التركيز على الدول الأكثر فقراً».
وتتمحور النقاشات أيضاً حول سبل تشجيع وحث الدول على الانخراط بشكل أوسع في هذا النطاق، وسيضاف نقاش جديد في مجال البنوك المتخصصة في مساعدات التنمية وكيفية استنفار الأسواق في مجال الكربون وفرض رسوم على النقل البحري.
واعتبرت مصادر الإليزيه أنه «يتعين إضافة جوانب سياسية وتقنية إلى الطرق والوسائل المتبعة، والتأكد من أنه لن يكون أي بلد أمام خيار محاربة الفقر أو الانخراط في مسيرة التحول المناخي».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى