مختارات اقتصادية

5 تحدياتٍ اقتصاديةٍ ترسم ملامح عام 2023

كان من المتوقع أن يكون عام 2022 هو العام الذي يتعافى فيه الاقتصاد العالمي من الفوضى التي أحدثتها جائحة كورونا، لكن جاء غزو روسيا لأوكرانيا ليدفع بالاقتصاد في خضم حالة من عدم اليقين. أدت الحرب في أوكرانيا وما أعقبها من عقوبات غربية ضد روسيا إلى تأجيج التوترات الجيوسياسية، ودفع أسعار الطاقة والغذاء إلى مستويات قياسية، وتعطيل سلاسل التوريد، الأمر الذي ألقى بظلاله على الاقتصاد العالمي.
ومع ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوياته في عدة سنوات، اضطرت البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة لمواجهة الاقتصاد المتباطئ بالفعل، مما زاد من احتمالات حدوث ركود في عام 2023. ومع ذلك، فإن التحديات الاقتصادية التي تنتظرنا هذا العام لا تقتصر على الركود الاقتصادي، وفيما يلي نظرة على أكبر التحديات التي تنتظر الاقتصاد العالمي في عام 2023.
5 تحدياتٍ اقتصاديةٍ ترسم ملامح عام 2023
ركود اقتصادي وشيك:- من المُتوقع أن يكون عام 2023 هو ثالث أسوأ عام للنمو الاقتصادي العالمي في هذا القرن بعد عام 2009؛ عندما تسببت الأزمة المالية العالمية في الركود الكبير، وعام 2020؛ عندما أدت عمليات الإغلاق للحد من انتشار جائحة كورونا إلى شلل الاقتصاد العالمي فعليًا. – يتوقع المحللون أن تنزلق الاقتصادات الكبرى في دوامة الركود هذا العام، حيث تواصل البنوك المركزية رفع أسعار الفائدة لتخفيف الطلب على الخدمات والسلع الاستهلاكية في محاولة لكبح جماح تضخم مُستعِر. – من جانبها، حذرت كريستينا جورجيفا، المدير العام لصندوق النقد الدولي، من أن ثلث الاقتصاد العالمي قد يتضرر من الركود في عام 2023، والذي وصفته بأنه عام «أصعب» من عام 2022.
– في السياق ذاته، خلُص محللون من معهد التمويل الدولي إلى أن شدة الضربة القادمة للناتج المحلي الإجمالي العالمي تعتمد بالأساس على مسار الحرب في أوكرانيا مضيفين أن الصراع قد يتحول إلى حرب أبدية.
– ولكن، رغم هذه الرؤية القاتمة إلا أن هناك توقعات بأن يكون الركود قصير الأجل وغير حاد كما كان متوقعًا في البداية، ولن يؤدي إلا إلى ارتفاع طفيف في معدلات البطالة.
– وقد شدّد محللون في مؤسسة «كابيتال ايكونوميكس» البريطانية على ضرورة توقف البنوك المركزية عن سياستها في رفع الفائدة قبل فوات الأوان، للسماح ببدء التعافي في أواخر العام الحالي. تضخم جامح:- من المرجح أن تكون زيادات الأسعار معتدلة في عام 2023، وذلك لعدة عوامل منها ضعف الطلب، وهبوط أسعار الطاقة، وانخفاض تكاليف الشحن.
– ومع ذلك، سيبقى التضخم فوق المستويات المستهدفة للبنك المركزي، مما سيؤدي إلى مزيد من رفع أسعار الفائدة، الأمر الذي يعني المزيد من القرارات الاقتصادية المؤلمة، ويُخاطر بتفاقم أزمة الديون العالمية.
– من المتوقع أن ينخفض معدل التضخم في منطقة اليورو بوتيرة أبطأ مما هو عليه في الولايات المتحدة. – أما التضخم الأساسي، الذي يستبعد الأسعار المتقلبة للمواد الغذائية والطاقة، فقد يظل مرتفعا نتيجة للتحويلات النقدية للحكومة لمساعدة الأسر على التعامل مع تكاليف المعيشة المرتفعة.
فوضى كوفيد الصين:- قبل أسابيع فقط من بداية عام 2023، أعلنت الصين تراجعها عن سياسة «صفر كوفيد» المثيرة للجدل، الأمر الذي تمخض عن فوضى عارمة في نظام الرعاية الصحية في وسط ارتفاع مقلق في حالات الإصابة بالفيروس. – من المتوقع أن يتسبب طوفان الإصابات في اضطراب قصير الأجل لثاني أكبر اقتصاد في العالم، مما قد يوجه ضربة إلى الانتعاش الهش في سلاسل التوريد العالمية. – قد تبدو الآفاق الاقتصادية على المدى القريب قاتمة، ولكن يتوقع المحللون أن يختتم الاقتصاد الصيني عام 2023 بانتعاش اقتصادي ناتج عن تخلي بكين عن سياسة «صفر كوفيد» ودعمها لقطاع العقارات المتعثر في البلاد، والذي يمثل ما يقرب من ربع الناتج الاقتصادي للصين.
أزمة الطاقة:- سيستمر وضع الطاقة المحفوف بالمخاطر صداعاً مزمناً للحكومات في عام 2023 خاصة في أوروبا. – قد تتمكن أوروبا من الهروب من أزمة الطاقة هذا الشتاء بفضل الطقس المعتدل وخفض المستهلكين لاستخدامهم للطاقة. – إلا أن الوضع سيظل صعبًا قبل الشتاء المقبل، بعد أن أنفقت مئات المليارات من اليورو العام الماضي في البحث عن بدائل للطاقة الروسية، قد تكافح أوروبا لملء مرافق التخزين مرة أخرى. – ومما يزيد الأمر سوءًا هو أن المنافسة على الغاز الطبيعي المُسال ستكون صعبة مع إعادة فتح الصين وإقبال المشترين الآسيويين التقليديين مثل اليابان وكوريا على البحث عن المزيد من مصادر الطاقة. – وهكذا ستظل الطاقة عامل الخطر الرئيسي في أوروبا إلى جانب النقص المحتمل في الغاز في شتاء 2023/2024.
التوترات الجيوسياسية وحرب التكنولوجيا:- ستظل التوترات العسكرية والسياسية ضمن أكبر المخاطر على الاقتصاد مثلما حدث في عام 2022. – فما بين الحرب الروسية في أوكرانيا، والخلافات بين الولايات المتحدة والصين بشأن تايوان- أكبر مُصنّع لأشباه الموصلات في العالم، والتوترات المتصاعدة في شبه الجزيرة الكورية؛ كلها عوامل يمكن أن تؤثر على مناخ الاستثمار هذا العام.
– أيضًا، لا تزال الحلول لإنهاء الغزو الروسي لأوكرانيا بعيدة المنال، وهذا بدوره يعني عدم وجود حلول للآثار التي خلفها هذا الصراع على مجالات مثل حركات الهجرة والإمدادات العالمية من سلع الطاقة الأحفورية والأغذية؛ والتحولات الجيوسياسية المحتملة. – قد تزداد حدة معركة التفوق التكنولوجي بين الولايات المتحدة والصين في عام 2023؛ حيث حظرت واشنطن في العام الماضي نقل تكنولوجيا أشباه الموصلات الأمريكية المتقدمة إلى الصين. – وهكذا أصبح الصراع التجاري الآن على أشده بين البلدَين للهيمنة على مجالات مهمة للغاية مثل تكنولوجيا الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي والرقائق. المصدر: بيزنس ستاندرد (The Business Standard)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى