اقتصاد دولي

البنوك المركزية تعود لشراء الذهب بصدارة تركية… إلى أين يتجه المعدن؟

كشف تقرير حديث أن تركيا ممثلة في بنكها المركزي عادت إلى شراء الذهب من جديد وزيادة احتياطيها خلال يونيو (حزيران) الماضي، بمقدار 11 طناً من الذهب تقريباً، وذلك بعد موجة من البيع انتهجتها خلال الفترة الأخيرة.

وفق البيانات المتاحة، ارتفع احتياطي الذهب لدى تركيا إلى 440 طناً وذلك بعد أن قامت ببيع 159 طناً من الذهب خلال الربع الثاني من العام الحالي، وأدى ذلك إلى انخفاض احتياطي البلاد الرسمي إلى 428 طناً.

وأوضح مجلس الذهب العالمي، أن موجة بيع الذهب في تركيا التي بدأت منذ مارس (آذار) الماضي، استجابة لديناميكيات السوق المحلية التي شهدت ارتفاعاً كبيراً في الطلب على المعدن بسبب ارتفاع معدلات التضخم وتراجع القيمة الشرائية للعملة، وهو ما دفع الحكومة التركية إلى فرض حظر جزئي على واردات سبائك الذهب والقيام بالبيع من المخزون لديها.

وخلال العام الماضي اشترت البنوك المركزية العالمية 1078 طناً من الذهب، وكانت تركيا أكبر مشترٍ للمعدن، وارتفعت احتياطاتها الرسمية من الذهب بمقدار 148 طناً إلى 542 طناً خلال العام الماضي مسجلة أعلى مستوى على الإطلاق.

وخلال يونيو الماضي، كانت الصين هي المشتري الأكبر للذهب بمقدار 21 طناً أضافتها إلى احتياطاتها، ليعد هذا هو الشهر الثامن على التوالي من شراء بكين للذهب بإجمالي 165 طناً، وبعد عملية الشراء الأخيرة في يونيو ارتفع احتياطي البلاد الرسمي من الذهب إلى 2113 طناً.

إلى أين يتجه المعدن النفيس في 2024؟

كان بنك “أوف أميركا”، أشار في مذكرة بحثية حديثة، إلى أنه ومع استمرار البنوك المركزية حول العالم في شراء الذهب، مع هرب المستثمرين من الاحتفاظ بالدولار، ووقف “الاحتياطي الفيدرالي الأميركي” لرفع أسعار الفائدة، فإن الذهب لا يحتاج سوى لقليل من عمليات الشراء من المستثمرين الجدد لاختراق حاجز الـ2500 دولار هذا العام، لتبقى الترجيحات الأكثر واقعية بوصول المعدن الأصفر إلى مستوى 2200 دولار في نهاية 2023.

فيما رأى بنك “يو بي أس”، أن ارتفاع أسعار الذهب لم ينته بعد، وأن اختراق المعدن الأصفر لحاجز الـ2200 دولار، بات أقرب من أي وقت مضى، مشيراً إلى أن الذهب يتطلع إلى الانتقال لمستويات 2100 دولار في نهاية العام ثم التقدم إلى 2200 دولار بحلول نهاية مارس 2024.

وأشار إلى أن السمة الرئيسة لارتفاع أسعار الذهب في 2023 كانت الطلب القوي من البنوك المركزية وعودة المستثمرين الماليين إلى السوق، متوقعاً أن يستمر نشاط الشراء من قبل البنوك المركزية لمدة عام آخر.

وتعد عمليات الشراء المستمرة للذهب من قبل البنوك المركزية العالمية، الداعم الأول والأساسي للمعدن خلال عام 2023، فحتى عندما تمت مشاهدة الذهب يتداول حول مستويات 1900 دولار للأونصة استطاع الاستقرار فوق هذا المستوى وبناء قاعدة للعودة للارتفاع مجدداً، ولم يستسلم لمزيد من البيع والهبوط وذلك بسبب الطلب القوي من البنوك المركزية هذا العام على الذهب.

فيما قللت الأزمات التي يمر بها الاقتصاد الأميركي وعلى رأسها إفلاس البنوك الصغيرة وأزمة سقف الدين، من هيمنة الولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي، وبدأ الجميع يشعر بالخطر من الاحتفاظ بالدولار وحده كاحتياطي لدى الدول بخاصة بعد أن تم استخدام الدولار كسلاح لمعاقبة روسيا بعد حربها على أوكرانيا.

وكان البديل الأفضل للجميع هو الذهب لذا بدأت البنوك المركزية منذ بداية العام الماضي في تحويل نسب كبيرة من احتياطاتها من الدولار والعملات الأجنبية إلى الذهب الذي يعد دائماً هو الملاذ الأمن الأفضل في أوقات الأزمات.

وتقليدياً، يعتبر طلب البنوك المركزية على الذهب محركاً للأسعار من الدرجة الثانية، ولكن المستويات القياسية لعمليات شراء البنوك للمعدن الأصفر التي بدأت في 2022، تترك تأثيراً كبيراً على حركة الأسعار.

سحب استثمارات بـ2.7 مليار دولار

كان مجلس الذهب العالمي، كشف أن يونيو الماضي، شهد خروج استثمارات من صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب بقيمة 3.7 مليار دولار بما يوازي نحو 56 طناً من الذهب على مستوى الصناديق المتداولة في الذهب عالمياً، مما أدى إلى سحب استثمارات خلال النصف الأول من عام 2023 بقيمة 2.7 مليار دولار ما يساوي 50 طناً من الذهب.

وأشار إلى أن أبرز الاستثمارات الخارجة من الصناديق كانت في أوروبا وأميركا الشمالية، والتي خسرت مجتمعة 3.5 مليار دولار بقيمة 53 طناً ذهباً خلال الشهر الماضي، فيما ترتبط زيادة التدفقات الخارجة، بانخفاض سعر المعدن النفيس خلال النصف الثاني من الشهر الماضي، وسط تشدد من البنوك المركزية الرئيسة في مواجهة الضغوط التضخمية.

وتسبب التدفق الخارجي للاستثمار من صناديق الذهب خلال يونيو، في تحول الطلب العالمي على صناديق الاستثمار المتداولة على الذهب خلال النصف الأول من عام 2023 إلى مستوى سلبي بمقدار 50 طناً، وهو ما يعادل خروج سيولة نقدية تبلغ 2.7 مليار دولار.

في الوقت نفسه، تراجعت أنشطة التداول في سوق الذهب العالمية في يونيو، إذ بلغ متوسطها نحو 152 مليار دولار في اليوم بانخفاض تبلغ نسبته 13 في المئة عن مايو (أيار) الماضي.

تأثر اتجاه المستثمرين إلى تداول الذهب باستمرار بتراجع أسعاره مع مواصلة البنوك المركزية تشديد السياسات النقدية ورفع أسعار الفائدة، بينما ظلت سوق التداول غير الفعلي مستقرة نسبياً مع انخفاض معتدل بنسبة 1 في المئة على أساس شهري.

أعلى مستوى للذهب في شهر

في الوقت نفسه، ارتفعت أسعار المعدن عند تسوية تعاملات أمس الثلاثاء، بعد صدور بيانات اقتصادية عكست تباطؤ الاقتصاد الحقيقي في الولايات المتحدة ما يزيد التوقعات بقرب توقف “الاحتياطي الفيدرالي” عن رفع أسعار الفائدة.

وأظهرت بيانات اقتصادية من وزارة التجارة الأميركية، تباطؤ وتيرة زيادة مبيعات التجزئة في يونيو 2023، على رغم زيادتها بنسبة معدلة موسمياً 0.2 في المئة إلا أنها أبطأ من الزيادة المعدلة الشهر الماضي بنسبة 0.5 في المئة وأقل من توقعات الاقتصاديين بارتفاع بنفس النسبة. وفي مذكرة بحثية حديثة، أشار رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين بالبيت الأبيض، جاريد برنشتاين، إلى الزخم الحقيقي في الاقتصاد، مؤكداً ثقته من أن الولايات المتحدة ستتجنب الركود في الغالب.

ووفقاً لأداة “فيد واتش”، ترجح الأسواق حالياً بنسبة تجاوزت 97 في المئة تقريباً رفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماع يوليو (تموز) المرتقب، مع نمو التوقعات لتتراوح بين 61 في المئة و84 في المئة بتثبيت نطاق السياسة النقدية بعدها، عند 5.25 في المئة و5.50 في المئة خلال الاجتماعات الثلاثة المتبقية هذا العام.

وعند التسوية، صعدت العقود الآجلة للذهب تسليم شهر أغسطس (آب) بنسبة 1.25 في المئة أو ما يعادل 24.4 دولار لتصل إلى 1980.8 دولار للأوقية، وهو أعلى مستوى منذ السادس من يونيو الماضي، كما صعد مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من ست عملات رئيسة بنسبة 0.2 في المئة، لكنه ظل قرب أدنى مستوياته في أكثر من عام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى