أخبار عاجلةاقتصاد دوليمقالات اقتصادية

بأول مصنع لتكليس الفحم.. كيف ستدعم المنطقة الحرة بصحار الاقتصاد العماني

كتب أسامة صالح 

تواصل سلطنة عمان تنفيذ خططها لتحويل المنطقة الحرة في صحار إلى مركز لوجستي وصناعي متكامل يوظف أحدث التقنيات العالمية ويتبع أعلى معايير الاستدامة في أنشطته المختلفة، بما يحقق الأهداف المرسومة للسلطنة.

ويمثل مصنع التكليس الذي جرى افتتاحه مؤخراً، أول مشروع صناعي في منطقة التوسعة الحديثة لميناء صحار، مما يساهم في تطوير الصناعات المستقبلية، وذلك ضمن 13 مشروعاً أعلن تدشينها جهاز الاستثمار العماني، بالتزامن مع احتفالات السلطنة بالعيد الوطني الـ51، باستثمارات تُقدَّر بنحو 3.5 مليار ريال عماني (9.09 مليارات دولار).

وفي إطار استراتيجيتها الشاملة لتنويع مصادر الدخل والتوسع في مشروعات الطاقة، احتفلت السلطنة، في 13 نوفمبر الماضي، بافتتاح مصنع “سانفيرا” للكربون، بالمنطقة الحرة في صحار.

وتبلغ طاقته الإنتاجية نحو 600 ألف طن سنويّاً من الفحم البترولي المكلسن، و24 ميغاوات من الكهرباء سنويّاً عبر البخار المنتج، وفق وكالة الأنباء العمانية.

ويأتي هذا المصنع في شراكة عُمانية هندية ممثلة بالشركة العُمانية لتنمية الاستثمارات الوطنية “تنمية” وشركة المتحدة للأعمال التجارية وشركة “سانفيرا” للصناعات المحدودة الهندية.

ويعد المصنع الأول من نوعه في عُمان، ويعمل على تحويل الفحم البترولي إلى منتج ذي قيمة صناعية عالية، يستخدم في صناعات الألمنيوم وعدد من الصناعات التعدينية الأخرى.

وتؤكد وزارة الطاقة والمعادن العمانية أهمية هذا المشروع لما يشكله من قيمة محلية مضافة في ميناء صحار والمنطقة الحرة وتعزيزٍ لفرص الاستثمار في مجالات صناعية واعدة، من ضمنها مشاريع الطاقة النظيفة.

وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة “تنمية”، خالد بن عوض البلوشي، أن هذا المشروع حقق جميع المعايير المناسبة لإيجاد شراكات ناجحة وتدفق استثمارات أجنبية مباشرة إلى سلطنة عُمان.

من جهته، أكد الشريك في مصنع “سانفيرا” للكربون، سعيد بن سالم الحجري، خلال حفل الافتتاح أن المصنع يرفع القيمة الاقتصادية للفحم البترولي باستهدافه الأسواق المحلية والخليجية، مشيراً إلى أن المصنع يعتزم تصدير منتجاته إلى عدد من الدول الإقليمية والعالمية.

وقال الرئيس التنفيذي للمنطقة الحرة بصحار، عمر بن محمود المحرزي، إن المنطقة تشكل بهذا النمو المطرد مركزاً للعديد من القطاعات، ومن ضمنها تصنيع البضائع الاستهلاكية والأغذية والتوريدات الصناعية وغيرها، مبيناً أن مصنع “سانفيرا” سيعمل على إضافة قيمة للصناعات القائمة حالياً في المنطقة الحرة بصحار.

ويأتي افتتاح المصنع بعد عمل دام أكثر من عامين، حيث جرى وضع حجر الأساس في 25 ديسمبر 2019 ليصبح أول مصنع من نوعه في السلطنة لتحويل الفحم البترولي إلى منتج ذي قيمة صناعية.

وتستخدم منتجات المصنع في مصاهر الألمنيوم وغيرها من القطاعات في السلطنة والمنطقة، إضافة إلى إنتاج 24 ميغاوات من الكهرباء سنوياً عبر البخار المنتج خلال عملية “الكلسنة”.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة “تنمية” حينها، الشيخ راشد بن سيف السعدي، إن المشروع سيقدم إضافة إلى قطاعي البتروكيماويات والألمنيوم في السلطنة عبر استقطاب أفضل التكنولوجيا توفير فرص عمل للشباب العماني.

وسيعمل المصنع على توفير فرص عمل للشباب العُماني بإجمالي 200 وظيفة، على أن تُرفع نسبة “التعمين” إلى 50 بالمئة خلال السنوات الخمس المقبلة.

كما يعمل على تأهيل موظفيه من الخريجين الجدد عبر برنامج تدريبي في مصنع “سانفيرا” بالهند، إضافة إلى توفير وظائف غير مباشرة في اللوجستيات والخدمات المساندة والتعاون مع المؤسسات العمانية الصغيرة والمتوسطة.

ويشكل المصنع أهمية كبيرة في تعزيز قطاع الصناعة في السلطنة والإسهام في تنمية الاقتصاد العماني، ودعم خطة الحكومة في تنويع مصادر الدخل، حيث يعد ضمن قطاع الصناعات التحويلية التي أولتها الخطط الخمسية اهتماماً كبيراً لا سيما في السنوات الأخيرة.

ويعد ميناء صحار البحري من الموانئ الواعدة على مستوى سلطنة عُمان وعلى مستوى دول الخليج، لموقعه الاستراتيجي خارج مضيق هرمز، ومقابل دولة الإمارات ومحافظات شمال وجنوب الباطنة، التي تعد من المناطق ذات الكثافة السكانية الكبيرة.

وأن الميناء يشمل الاستيراد والتصدير، ويحتوي على منطقة صناعية حرة كبيرة، حيث دفعت كل هذه العوامل إلى نمو الميناء وازدهاره بعد الاهتمام الكبير الذي أولته السلطنة ببنيته التحتية.

ويشار إلى أن مصنع الفحم المكلسن سيعزز ويدعم ميناء صحار من خلال أهميته الاقتصادية، كما سيدعم السلطنة ومنطقة الخليج العربي بإنتاجه الكبير وتوظيف اليد العاملة، إضافة إلى السوق المحلية والتصدير للأسواق الخليجية المجاورة، وسيكون للمشروع أدوار جوهرية.

و أن التقارب الكبير وتطوره بين دول الخليج سيسهم في دعم اقتصاد البلدان الخليجية وارتفاع التجارة البينية.

وتتجه دول مجلس التعاون الخليجي نحو السوق العمانية بشكل عام وإلى الموانئ العمانية بشكل خاص، كميناء الدقم وصلالة وصحار، كما أن هناك استثمارات خليجية مليارية فيها، وكل ذلك يعطي زخماً كبيراً لمصنع الفحم المكلسن.

ويعد هذا المشروع إضافة لقطاعي البتروكيماويات والألمنيوم في عُمان عبر استقطاب أفضل التكنولوجيا وإيجاد الوظائف.

وسيسهم المشروع، الذي تبلغ تكلفته الاستثمارية أكثر من 60 مليون ريال عُماني (155.8 مليون دولار أمريكي)، في تنويع الصناعات العُمانية وتعزيز وجودها في السوق المحلية وإحلالها محل الصناعات الواردة، وتصدير ما يقارب الـ70 في المئة من الفحم البترولي المكلسن للإسهام في احتياطات النقد الأجنبي، في وقت يقدّر الطلب الخليجي على هذا النوع من الفحم بنحو 1.5 مليون طن سنوياً.

ويتميّز الفحم البترولي الذي تنتجه السلطنة بجودته العالية وكثافته الفريدة، ومن المتوقع أن يحقق المشروع الصديق للبيئة نتائج ملحوظة ويسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية للسلطنة.

وحول طبيعة الفحم المنتج في هذا المشروع، يقول المدير العام لشركة “سانفيرا إندستريز ليمتد”، راجيف ريدي: “نحن ننتج عدة درجات من فحم الكوك النفطي المعالج بكثافة عالية وقدرة تفاعلية منخفضة مصممة حسب متطلبات زبائننا، وقد تم استخدام بعض من فحم الكوك النفطي المعالج لخلط وإنتاج الأقطاب الموجبة التي تتميز بالأداء العالي، والتي تلبي احتياج الصناعات في قطاع الألمنيوم والصلب وثاني أكسيد التيتانيوم”.

ويرجّح راجيف أن ينتج المصنع الجديد أيضاً ما يقارب 130 طناً بالساعة من البخار عالي الضغط، والذي يمكن توريده لخدمة الصناعات الأخرى في المنطقة الحرة، ويمكن استخدامه لتوليد الطاقة الكهربائية أو تحلية المياه.

كما سينتج المصنع منتجاً ثانوياً من الفحم والذي يمكن توريده للصناعات البتروكيماوية الأخرى على مستوى العالم وسوق دول مجلس التعاون الخليجي المحلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى