أخبار عاجلةمنوعات اقتصادية

صراع المعروض والجودة .. “مزاج” متقلب للقهوة بالأسواق العالمية

تشهد أسواق البن العالمية تقلبات جمة خلال العام الجاري مع تراجع أسعار العقود المستقبلية للسلعة الشهيرة بنحو الثلث على مدار تعاملات العام بعد أداء قوي في مطلع العام وملامسة الأسعار لأعلى مستوياتها في نحو عقد من الزمن في وقت تضرر فيه المنتجون من تعطل سلاسل الإمداد العالمية.

وتراجعت أسعار العقود الآجلة لحبوب القهوة الأميركية بنحو 30% منذ مطلع العام الجاري بحسب بيانات ريفنتيف، في وقت تبقى توقعات بعدم توازن العرض والطلب في ظل موسم قوي للأمطار في البرازيل أكبر منتج للسلعة بالعالم من شأنه أن يزيد المعروض ويضغط على المنتجين.

ويقول محللون إن ارتفاع مخزونات القهوة يعني أوقاتا صعبة لصغار المزارعين في وقت تضرر فيه المستهلك النهائي من ارتفاع الأسعار على مدار الشهور الماضية بفعل موجة التضخم القياسية التي دفعت سعر كوب القهوة للضعف في معظم بلدان العالم.

معضلة العرض والطلب

يُنظر إلى سوق القهوة العالمية على نطاق واسع إلى أنه مثال حي على تضرر الأسواق من أي زيادة متوقعة في المعروض بفعل المحصول الوفير في كبار الدول المنتجة حول العالم والتي تلبي الطلب على السلعة الأكثر رواجا فيما تظل المخاوف المرتبطة بتعطل سلاسل الإمداد العالمية عاملا هاما في مستقبل السلعة..

ويقول المدير الفخري لمنظمة القهوة الأميركية إيريك رينهارت لـ أرقام إن معضلة العرض والطلب تبقى أحد العوامل التي تضغط بقوة على الأسعار ففي الوقت الذي تعني فيه زيادة الإنتاج تراجعا في الأسعار، فإن هذا التراجع من شأنه أن يمثل المزيد من الضغوط على صغار المزارعين.

وتتوقع فيتنام وهي أكبر منتج لقهوة “روبوستا” بالعالم زيادة في الصادرات العام المقبل بعد أن وصلت لذروة 4 أعوام خلال الموسم المنتهي في 30 سبتمبر الماضي، فيما تتوقع البرازيل وهي أكبر منتج للسلعة بالعام تراجعاً طفيفاً في حجم الإنتاج.

وتعد البرازيل أكبر دولة منتجة لحبوب البن في العالم وتمثل نحو 30٪ من جميع الإمدادات العالمية، وتأتي في المرتبة الثانية فيتنام بنسبة 17٪ من الإمدادات.

وحوالي 70٪ من القهوة البرازيلية هي من أنواع أرابيكا باهظة الثمن، وتستخدم في تصنيع القهوة الطازجة، أما الـ30% المتبقية فهي من نوع روبوستا، والتي تستخدم بشكل أساسي لصنع القهوة سريعة الذوبان.

وفي تلك الأثناء، توقعت المديرة التنفيذية لمنظمة القهوة العالمية ارتفاع الاستهلاك العالمي 1% إلى 2% سنويًا حتى نهاية العقد، مشيرة إلى أنه هناك حاجة لحوالي 25 مليون كيس إضافي بوزن 60 كجم خلال السنوات الثماني المقبلة .

ويتابع رينهارت “كل هذا الغموض بشأن مستقبل المعروض يجعل الأسعار في تأرجح مستمر”.

ازدهار المزادات

وبينما يبقى مستوى الأسعار المستقبلية يكتنفه الكثير من الغموض، فإن هناك نشاطا يزدهر على نحو مطرد في أسواق القهوة العالمية وهو المزادات التي باتت محط أنظار الكثير من عشاق السلعة حول العالم.

ويقول المدير التنفيذي لاتحاد القهوة الممتازة، وهو منظمة غير ربحية بالولايات المتحدة، دارين دانيال لـ أرقام” تلك المزادات لطالما كانت المتنفس لصغار المزارعين لتحقيق أرباح استثنائية تعويضا عن الخسائر التي تكبدونها في وقت تراجع الأسعار.

وتشير بيانات منظمة القهوة العالمية إلى أن أول وأشهر مزاد على الإطلاق انطلق من البرازيل بالعام 1999 والذي يحصل الفائز من خلاله علي لقب “كوب الامتياز” في وقت بدأت فيه تلك المزادات في الانتشار على نحو مطرد في بقية الدول المنتجة.

والشهر الماضي، بيعت سبعة باوندات من بن “إليدا غيشا” في بنما مقابل 6000 دولار في مزاد خاص تكالب على شرائها نخبة من الأثرياء الذين تمثل القهوة لهم شغفا يوميا.

ويأتي بن “إلدا غيشا” من مزرعة صغيرة في بنما، وقد تعاقبت أربعة أجيال من أسرة لاماستوس الشهيرة في عالم القهوة على إدارة المزرعة وينسب الاسم الأول لهذا البن إلى “إليدا” الجدة التي رعت المزرعة وتحملت بمفردها عبء الأسرة بعد فقد زوجها في عمر مبكر.

ويتابع دانيال “نشاط المزادات ازدهر على نحو خاص في فترة الركود خلال التسعينيات من القرن الماضي ويمثل الأمر فرصة جيدة للمنتجين والمستهلكين نحو تحسين الجودة”.

سلاسل الإمداد وتغير المناخ

وتتعرض القهوة أيضا للمخاوف المتعلقة باضطرابات سلاسل الإمداد العالمية التي قد تضغط على الأسعار، بالإضافة إلى تغيرات المناخ التي تمثل تهديدا لبعض الأنواع.

وسلط بنك الاستثمار العالمي “جولدمان ساكس” الضوء علي الأمر في حلقة نقاشية مع كبار المصدرين في البرازيل والتي تعد المنتج الأول للبن عالميا والذي حذر من أن اضطرابات سلاسل الإمداد سينجم عنها نقصاً بالمعروض على مدار الأعوام المقبلة.

وقال كارلوس أوجست، رئيس اتحاد مصدري القهوة إن هناك أنواعا بعينها تتعرض للخطورة ومن بن قهوة “جافا” الشهيرة في إندونيسيا الذي يتراجع إنتاجه سنويا على نحو مطرد.

وأُطلق اسم قهوة “جافا” الإندونيسية على لغة “جافا” التي تستخدمها غالبية الأجهزة الإلكترونية مع استهلاك كميات ضخمة منها أثناء العمل وهي أيضا التي انحدرت منها باكورة مبيعات بذور القهوة عبر التاريخ وبالتحديد عام 1696.

وفي مذكرة بحثية مستقلة، حذرت وحدة أبحاث السلع التابعة لوكالة “فيتش” من أن الطلب من الممكن أن يتراجع بفعل الركود الاقتصادي العالمي، ولكن تظل الأسعار في اتجاه صاعد ونقص متوقع في الإنتاج.

المصادر: أرقام- منظمة القهوة العالمية- فايننشال تايمز – وول ستريت جورنال- نيويورك تايمز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى