مختارات اقتصادية

كيف أنهت فنزويلا كابوس التضخم الجامح؟

تباطأ التضخم في فنزويلا لأدنى مستوى في عقد خلال شهر يناير الماضي، لتواصل وتيرة ارتفاع الأسعار تراجعها الحاد خلال الفترة الماضية.

ونجحت الدولة الواقعة في أمريكا اللاتينية في الخروج من أزمة التضخم الجامح، بعد القيام بتعديلات كبيرة في السياستين المالية والنقدية.

تباطؤ قوي للتضخم

– تباطأ التضخم في فنزويلا إلى 1.7% خلال يناير الماضي على أساس شهري، من 2.4% في ديسمبر السابق له.

– تعتبر مستويات التضخم الشهري في فنزويلا هي الأدنى منذ مارس 2022، كما تعد أقل وتيرة صعود للأسعار في يناير منذ عام 2012.

– يعتبر يناير الشهر الحادي عشر على التوالي الذي يشهد تسجيل التضخم الشهري رقمًا فردياً في فنزويلا.

– على أساس سنوي، بلغ التضخم في فنزويلا 107.3% خلال يناير، هبوطاً من مستوى يقارب 190% في ديسمبر الماضي.

– تخلصت فنزويلا من المرتبة الأولى في قائمة أعلى معدلات التضخم حول العالم لصالح الأرجنتين في نهاية العام الماضي، مع تباطؤ وتيرة ارتفاع الأسعار في الأولى وتسارعه في الأخيرة.

– وصل التضخم السنوي في الأرجنتين إلى 254% في يناير الماضي، مع تدابير للحكومة الجديدة تستهدف خفض الدعم والإنفاق وتقليص عجز الموازنة المزمن.

أزمة اقتصادية حادة

– تسعى حكومة الرئيس “نيكولاس مادورو” للحفاظ على حالة التعافي الاقتصادي منذ التغلب على التضخم الجامح في عام 2022.

– عانت الدولة اللاتينية أزمة اقتصادية كارثية قبل سنوات، بفعل سوء الإدارة وتراجع أسعار النفط والإفراط في طباعة النقود وتداعيات العقوبات الغربية.

– تعرضت فنزويلا لواحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية عبر التاريخ، مع انهيار الناتج المحلي وارتفاع المستوى العام للأسعار بوتيرة حادة.

– ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في فنزويلا بأكثر من مليون بالمئة في ذروة الأزمة بين عامي 2017 و2019.

– على مستوى الاقتصاد الكلي، سجل اقتصاد فنزويلا انكماشاً لمدة 7 سنوات متتالية في الفترة بين عامي 2014 و2020، ليفقد أكثر من نصف حجمه مقارنة بمستويات 2013.

– كما انخفض الدخل من تصدير النفط، بفعل ضعف إنتاج الخام في فنزويلا بشكل حاد، نتيجة تدهور البنية التحتية ونقص الاستثمار.

– اضطر أكثر من 7 ملايين فنزويلي لمغادرة البلاد منذ عام 2017 هرباً من الأزمة الاقتصادية الطاحنة.

طريق التعافي من الأزمة

– في عام 2019، اتخذت حكومة فنزويلا تدابير متعاقبة للتغلب على الأزمة الاقتصادية، ما يشمل تخفيف الضوابط على العملة وخفض الإنفاق الحكومي وطباعة النقود.

– خففت الحكومة الاشتراكية في فنزويلا القيود على العملة، مع تقليص التدابير المقيدة للواردات، وتشجيع التحول غير الرسمي للدولار للسيطرة على التضخم.

– أصبح الدولار العملة المفضلة في فنزويلا خلال السنوات الماضية، لتمثل العملة الأمريكية جزءًا كبيراً من المعاملات اليومية في البلاد.

– كما اتجهت الحكومة في فنزويلا لخفض الإنفاق الحكومي، وتقييد الائتمان، وضخ العملة الأجنبية في الاقتصاد لدعم عملة البوليفار المحلية.

– اتجهت فنزويلا لخفض طباعة النقود مع تقليص الإنفاق الحكومي، ما أدى إلى هبوط العجز المالي لأقل من 10% من الناتج المحلي الإجمالي في 2021 من 30% في نهاية 2017 عندما بدأت أزمة التضخم الجامح.

– تسببت السياسات الجديدة في كسر موجة التضخم الجامح التي استمرت لنحو أربع سنوات في فنزويلا، والتي كانت بمثابة واحدة من أطول أزمات التضخم في العالم.

– جاءت نهاية موجة التضخم الجامح في فنزويلا مع تباطؤ الوتيرة الشهرية لارتفاع الأسعار دون 50%، وهو الحد الذي يستخدمه معظم الاقتصاديين عادة لتعريف التضخم المفرط.

– مع نهاية عام 2021، وصل التضخم السنوي في فنزويلا إلى 686%، وهو مستوى أقل كثيرًا من الذروة التي وصلت إلى بأكثر من مليون بالمئة سنوياً.

– واصل التضخم تباطؤه في فنزويلا خلال العامين الماضيين، لينهي عام 2023 دون مستويات 200%

– قال “رونالد بالزا” أستاذ الاقتصاد في الجامعة الكاثوليكية في كراكاس إن التضخم المفرط في فنزويلا انتهى بسبب توقف الحكومة عن فعل ما تسبب في الأزمة، وهو تمويل نفسها عن طريق طباعة النقود بشكل سريع.

تخفيف العقوبات الأمريكية

– كما استفادت فنزويلا أيضًا من تخفيف العقوبات الأمريكية بشكل مؤقت في أكتوبر الماضي، بعد توصل الحكومة إلى اتفاق بشأن الانتخابات مع المعارضة.

– سمح تخفيف العقوبات ضد فنزويلا لشركة الطاقة الأمريكية “شيفرون” بتوسيع عملياتها في البلاد بدون انتهاك القوانين.

– قادت “شيفرون” الزيادة في المعروض من الدولار في فنزويلا خلال الأشهر الأخيرة، حيث تعتبر المورد الرئيسي حالياً في سوق الصرف المحلي.

– قالت شركة “سينتيسيس فينانسييرا” في تقرير إن تدفقات الدولار من جانب “شيفرون” في فنزويلا ساهمت في ارتفاع البوليفار الفنزويلي بنسبة 2.4% في شهر يناير الماضي.

– حافظت الحكومة الفنزويلية على مبيعات ثابتة للدولار الأمريكي بقيمة 600 مليون دولار في السوق المحلية.

– قال “خيسوس بالاسيوس” كبير الاقتصاديين في شركة الاستشارات المالية “إيكوأناليتيكا” في كراكاس إن مبيعات الدولار تضاعفت تقريبًا في شهر ديسمبر على أساس سنوي.

– كما أدى تخفيف العقوبات ضد فنزويلا – المقرر أن يستمر حتى أبريل – إلى زيادة أسعار تصدير النفط الفنزويلي، ما يدعم الدخل والإنفاق الاجتماعي.

– بالتزامن مع نهاية التضخم الجامح في فنزويلا، نجح الاقتصاد في العودة للنمو في عام 2021، ليُنهي رحلة انكماش دامت 7 سنوات متتالية.

– ظهرت إحدى الإشارات على التعافي الاقتصادي في فنزويلا مع عودة العلامة التجارية للملابس “زارا” إلى فنزويلا، مع تعافي الإنفاق الاستهلاكي بعد السيطرة على التضخم الجامح.

– كانت “زارا” قد أغلقت عملياتها في فنزويلا خلال عام 2021، مع ضعف الطلب جراء الركود الاقتصادي الحاد والتضخم المفرط.

هل يستمر التعافي؟

– رغم تحسن الوضع في فنزويلا بشكل كبير مقارنة بذروة أزمة التضخم الجامح والانهيار الاقتصادي، فإن المخاطر لا تزال مستمرة.

– تبدي الحكومة الفنزويلية تفاؤلها بشأن الآفاق المستقبلية للاقتصاد، حيث قال الرئيس “مادورو” في الشهر الماضي إن اقتصاد بلاده نما بأكثر من 5% في عام 2023، متوقعاً وصول النمو إلى 8% هذا العام.

– لكن صندوق النقد الدولي يقدر أن الاقتصاد الفنزويلي نما بنحو 4% في العام الماضي، متوقعًا ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي 4.5% هذا العام.

– كما تعهد “مادورو” في خطابه للمشرعين الشهر الماضي بالسعي في العام الجاري لتعزيز الإنتاج الوطني واستعادة الدخل القومي ودخل العمال، مع خفض معدل التضخم السنوي لرقم من خانتين.

– تتوقع الحكومة الفنزويلية ارتفاع الدخل من شركة النفط المملوكة للحكومة “بي دي في إس إيه” بنحو 27% هذا العام، بعد تخفيف العقوبات الأمريكية ضد كراكاس.

– ساهمت شركة النفط الحكومية بنحو 6.2 مليار دولار في الخزانة العامة للبلاد العام الماضي، ما دعم الإنفاق على الرواتب والرعاية الصحية والتعليم والإسكان، بحسب تصريحات “مادورو”.

– أظهرت وثيقة للموازنة العامة في فنزويلا أن إدارة “مادورو” تقدر أن إجمالي الإنفاق في العام الجاري سيعادل 20.5 مليار دولار، مع تغطية الدخل من صادرات النفط والضرائب التي تدفعها شركة النفط الوطنية نحو 58% من هذا الإنفاق.

– لكن محللين شككوا في مدى استمرار التعافي الاقتصادي في فنزويلا على المدى الطويل، مع استمرار معاناة الفنزويليين من تراجع القدرة الشرائية وسط ضعف الأجور الحقيقية والنشاط الاقتصادي.

– قال “بيتر ويست” المستشار الاقتصادي في “إي إم فاندنج” إن فنزويلا لا تمتلك أي استراتجية مناسبة لضبط الأوضاع المالية، على عكس الأرجنتين التي تمتلك برنامج استقرار صارما يرتكز على أسس مالية قوية ويحظى بدعم صندوق النقد الدولي.

– كما تترقب الأسواق انعقاد الانتخابات الرئاسية في فنزويلا خلال النصف الثاني من العام الجاري، وسط منافسة متوقعة بين الرئيس “مادورو” وأحزاب المعارضة.

– قال “هنكل جارسيا” مدير شركة الاستشارات الفنزويلية “ألبوس داتا” إن الانتخابات الرئاسية ستختبر إرادة الحكومة في الحفاظ على الانضباط المالي والنقدي، مع إبقاء الأجور منخفضة لتجنب طباعة النقود.

المصادر: أرقام –  صندوق النقد الدولي – رويترز – بلومبرج – فرانس 24 – واشنطن بوست

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى