مقالات اقتصادية

كيف دعمت السعودية قطاع “ريادة الأعمال” والشركات الناشئة

كتب أسامة صالح

ضمن التحولات الاقتصادية في السعودية، شهدت المملكة طفرة غير مسبوقة فيما يخص قطاع ريادة الأعمال وتسارع وتيرة نمو الشركات المحلية الناشئة.
يأتي ذلك ضمن مستهدفات المملكة لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط وفق “رؤية 2030″، وقد حققت قفزات قوية في هذا الميدان.

آخر هذه النجاحات هي أن السعودية حلت بالمرتبة الثانية عالمياً ضمن تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال (GEM)، الذي أصدرته كلية الأمير محمد بن سلمان للإدارة وريادة الأعمال، بالتعاون مع مركز “بابسون غلوبال” والمرصد العالمي لريادة الأعمال في المملكة.

وتعتبر كلية الأمير محمد بن سلمان للإدارة وريادة الأعمال أول مؤسسة أكاديمية تعتمد المعايير الدولية على مستوى المملكة ومنطقة الشرق الأوسط عامة.

وتعرف ريادة الأعمال بأنها القدرة على تخطيط وإدارة المشاريع الجديدة، مع الاستعانة ببعض المهارات والقدرات التي تساعد في نجاح المشروع.

إقبال كبير
قدمت الحكومة السعودية العديد من التسهيلات لرواد الأعمال، بهدف دعم تنمية وتعزيز الاقتصاد المحلي، كما نجحت في تقديم نموذج اقتصادي جديد، قائم على المشروعات الريادية الصغيرة والمتوسطة.
وكشف تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال في السعودية (21 أغسطس 2021)، أن 20% من سكان المملكة يسهمون بنشاط في دعم منظومة الشركات الناشئة.
وتشمل مقاييس التقرير البحث والتطوير، ومدى سهولة حصول رواد الأعمال على التمويل، والتعليم والتدريب الريادي (أثناء التعليم المدرسي وبعد التخرج)، والسياسات الحكومية ذات العلاقة.
كما تتضمن المقاييس العوائق المحتملة أمام دخول رواد الأعمال للسوق، والبنية التحتية التجارية والمهنية، والتمويل والبرامج الحكومية، والسياسات الحكومية، والأعراف الثقافية، وديناميات السوق الداخلية، والبنية التحتية المادية ومدى سهولة الوصول للخدمات.

وخلال ندوة مناقشة تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال في المملكة، بكلية الأمير محمد بن سلمان للإدارة وريادة الأعمال، أشار المشاركون في الندوة إلى أن الفئة العمرية من 18 – 24 سنة هي الفئة الأسرع نمواً والأكثر إقبالاً على أنشطة ومشاريع ريادة الأعمال بنسبة 50% خلال العامين 2021 و2022.
وقال أستاذ ريادة الأعمال بكلية الأمير محمد بن سلمان للإدارة وريادة الأعمال، البروفيسور محمد أعظم رومي: إن بيئة ريادة الأعمال في المملكة مستمرة في الازدهار مدعومة بالسياسات العامة القوية، وفرص التمويل المتنوعة، والطلب العالي من قبل المستهلكين.
وأضاف: “تطوير المهارات والبحث العلمي يظلان عاملين أساسيين لخلق بيئة تدعم الإبداع والأفكار المستقبلية، والأعمال المبتكرة”.

مستقبل واعد
وبشكل ملموس ازدهر قطاع ريادة الأعمال في المملكة، بفضل الدعم الحكومي والتسهيلات القانونية.
فعلى مستوى المناطق تصدرت مكة المكرمة بنسبة 38.3% في معدلات مناطق ريادة الأعمال الأعلى في المملكة، وتبعتها جدة بنسبة 20%، ثم الرياض بنسبة 17.5%، والمدينة بنسبة 17.4%، والدمام بنسبة 13.9%.
كما أشار تقرير لوزارة المالية السعودية في العام 2022، إلى أن 82.8% من رواد الأعمال السعوديين كانت دوافعهم لهذا التوجه هي كسب المال والحصول على وظيفة، و78.6% كان هدفهم جمع ثروة هائلة أو دخل مرتفع للغاية.
واختار 65.5% ريادة الأعمال من أجل مواصلة التقاليد العائلية، و63.4% سعياً لتحقيق تغيير ملموس في العالم.
ورأى 50% من رواد الأعمال في المملكة أن جائحة وباء كورونا أتاحت فرصاً جديدة في قطاع الأعمال، واتفق مع ذلك نحو 30% من أصحاب الأعمال القائمة.
وتوقع 51% من رواد الأعمال و 60% من أصحاب الأعمال القائمة في المملكة، إتاحة أكثر من 5 وظائف جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة في قطاع الشركات الناشئة، إضافة إلى نمو وزيادة التوظيف بنسبة 50%، مما يوفر أكثر من 10 وظائف إضافية ويسهم في الحد من البطالة.

بيئة خصبة
في مارس الماضي، عقد في المملكة ملتقى “رواد الأعمال”، الذي شهد إطلاق برامج ومبادرات جديدة لدعم توجهات ريادة الأعمال في البلاد لتعزيز بيئة الشركات الناشئة.
أبرز هذه الاتفاقيات توقيع اتفاقية لبرنامج ضمان التمويل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (كفالة) بقيمة 5.9 مليارات ريال (1.5 مليار دولار)، لتقديم منتج يهدف إلى دعم ريادة الأعمال في مختلف المجالات، وتعزيز مكانة المملكة، بوصفها بيئة جاذبة للرواد والمبتكرين والمبدعين من أنحاء العالم.
كما أطلقت شركة “سدكو” القابضة، الشركة المتخصصة في مجال الاستثمارات المسؤولة والمستدامة، برنامج “روّاد نمو”، وهو برنامج إدارة مالية مُخصص لروّاد الأعمال في الشركات الناشئة المبتكرة والتقنية، التي وصلت إلى مرحلة النمو وتبحث عن طرق لاكتساب المعرفة اللازمة حول كيفية تنمية أعمالهم من خلال التمويل الخارجي.
وتهدف الاتفاقيات إلى تعزيز التعاون الاستراتيجي على الصعيد الوطني، والمساهمة بشكل فعّال في دعم الخطط والمبادرات الرامية إلى تعزيز النظام البيئي والوعي بالإدارة المالية للشركات الناشئة في السعودية.
وخلال المنتدى قال محمد موصلي، الرئيس التنفيذي للعمليات في “سدكو القابضة”: “برنامج روّاد يعمل على تهيئة الشباب لفهم واقع ريادة الأعمال، الذي يشهد تحولاً كبيراً لمواكبة مستهدفات (رؤية المملكة 2030)؛ حيث تتضمن الرؤية رفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج الإجمالي المحلي من 20 إلى 35% بحلول عام 2030”.

وسيقدم برنامج “روّاد نمو” خطة شاملة ومتكاملة تسلط الضوء على أساسيات الإدارة المالية، والتمويل، والموارد المالية، والمحاسبة، وحسابات الأرباح والخسائر، والميزانيات العمومية، والتدفقات النقدية، كما سيشمل أدوات ضرورية تمكن أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة من التغلب على المعوقات التي قد تواجههم في الحصول على التمويل اللازم”.
التجربة السعودية في ريادة الأعمال لاقت إشادة دولية ولفتت أنظار العالم، فخلال الاجتماع التحضيري لمجموعة الشركات الناشئة لدول مجموعة العشرين الذي عقد في يونيو الماضي بالهند استعرضت المملكة تجربتها أمام أكبر 20 اقتصاداً في العالم.
إذ أكد الأمير فهد بن منصور، رئيس الوفد السعودي، أن المملكة تشهد ازدهاراً في منظومة الشركات الناشئة، وأن هذا القطاع يمثّل حاضر اقتصادات العالم ومستقبلها، موضحاً أن “تأثير الشركات الناشئة في حياة مواطني المملكة أصبح واضحاً وملموساً”.
كما أكد أهمية مشاركة المملكة في قمة المجموعة الرسمية للشركات الناشئة؛ وذلك لكونها أسرع الاقتصادات نمواً بين دول مجموعة العشرين، وتصدرها المراكز الأولى عالمياً في 4 مؤشرات ريادة الأعمال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى