اقتصاد دولي

مصر أمام فجوة تمويلية بـ17 مليار دولار حتى 2026

تواجه مصر فجوة تمويلية بـ17 مليار دولار بين عامي 2023 و2026، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي، وفي المقابل، تحاول الحكومة المصرية سد تلك الفجوة من خلال عائدات بيع أصول مملوكة للدولة، وتمويلات ميسرة جديدة من مقرضين متعددي الأطراف ومؤسسات دولية أخرى، وزيادة عائدات السياحة والصادرات، بجانب قرض صندوق النقد الدولي البالغة قيمته ثلاثة مليارات دولار.

وفق البيانات المتاحة، ارتفع الدين الخارجي للبلاد إلى مستوى قياسي بلغ 165.4 مليار دولار بنهاية مارس (آذار) 2023، فيما شهد احتياطيها من النقد الأجنبي زيادة بواقع 1.8 مليار دولار خلال 12 شهراً وما زال مستمراً في الارتفاع، إذ يحاول البنك المركزي إعادة بناء احتياطاته منذ العام الماضي، عندما تسببت الحرب الروسية على أوكرانيا في تسارع تدفقات رؤوس الأموال إلى الخارج وتسببت في انخفاض مخزونه من العملات الأجنبية بنحو ثمانية مليارات دولار إلى 33.1 مليار دولار في أغسطس (آب) 2022.

كان النصف الأول من العام الحالي مكلفاً، إذ سددت مصر نحو 25.5 مليار دولار من أقساط وفوائد الديون المستحقة، بحسب تصريحات لوزير المالية المصري محمد معيط، وسددت القاهرة التزامات بقيمة 52 مليار دولار خلال العامين الماليين 2021/2022 و2022/2023، وفي الوقت نفسه يتعين على الحكومة المصرية سداد نحو 15.1 مليار دولار أخرى من مدفوعات الديون القصيرة والطويلة الأجل خلال النصف الثاني من العام الحالي، تليها 46.3 مليار دولار أخرى خلال عامي 2024 و2025، بحسب أحدث بيانات البنك المركزي المصري.

تأخر مراجعة صندوق النقد الدولي

وتستهدف الحكومة المصرية، تمويلات خارجية تصل إلى ملياري دولار قبل نهاية العام، وتشير بيانات وزارة المالية إلى أنها تسعى إلى تدبير تمويلات خارجية تتراوح بين 1.5 وملياري دولار خلال الربع الرابع من عام 2023، ويتضمن ذلك الإصدار الأول للبلاد من سندات “الباندا” المقومة باليوان الصيني بقيمة 500 مليون دولار والإصدار الثاني من سندات “الساموراي” المقومة بالين الياباني بقيمة 500 مليون دولار.

وتراجع المستهدف من التمويلات الخارجية منذ يوليو (تموز) الماضي، حينما كشف وزير المالية المصري، أن حكومة بلاده تتطلع إلى تدبير تسهيلات وتمويلات بنحو ثلاثة مليارات دولار قبل نهاية 2023، ولم تلجأ مصر إلى أسواق الدين الدولية إلا مرة واحدة منذ مارس 2022، بعدما حالت التأثيرات غير المباشرة للحرب في أوكرانيا وتشديد الظروف المالية العالمية، دون وصول القاهرة إلى أسواق الدين الدولية، كما أثارت مخاوف في شأن قدرة البلاد على تحمل الديون.

ومن المتوقع أن يوافق البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية على ضمان تغطية ائتمانية بقيمة 230 مليون دولار لدعم إصدار سندات الباندا المرتقب، وذلك خلال اجتماع بالقاهرة يوم 21 سبتمبر (أيلول) الحالي، بينما من المقرر أن يقدم البنك الأفريقي للتنمية ضمانة بقيمة 345 مليون دولار أخرى للإصدار المرتقب، وستوجه الحكومة حصيلة الإصدار لتمويل مشاريع التنمية المستدامة.

ومن المفترض أن يبدأ صندوق النقد الدولي، الجمعة المقبل، مراجعته لبرنامج قرض الثلاثة مليارات دولار لمصر، لكن احتمالات وصول بعثة صندوق النقد إلى القاهرة هذا الأسبوع تبدو ضئيلة إلى حد ما، إذ صرح مسؤول حكومي وقال، إنه من غير المرجح إتمام المراجعة هذا الشهر، فيما كان مصدر بوزارة المالية في الحكومة المصرية أكثر تفاؤلاً، لكنه أشار إلى أن الصندوق لم يحدد بعد موعداً لإرسال بعثته.

وتأخرت المراجعة الأولى لنحو ستة أشهر، إذ كان من المقرر إجراء المراجعة لبرنامج القرض، منتصف مارس الماضي، قبل أن تتأجل بسبب عدم تحقق بعض الشروط الرئيسة في اتفاقية القرض، ويعني التأخير أنه من المتوقع أن يدمج صندوق النقد الدولي المراجعتين الأولى والثانية في مراجعة واحدة في الزيارة المقبلة لمسؤوليه إلى القاهرة، التي ستشهد صرف ما يقرب من 700 مليون دولار لمصر.

التضخم يواصل الارتفاع مع خسائر الجنيه

وتسببت الصدمة العالمية التي أحدثتها الحرب الروسية في أوكرانيا، إلى جانب تشديد الأوضاع المالية العالمية في جميع أنحاء العالم، في دخول البلاد في أسوأ أزمة نقص للعملات الأجنبية منذ سنوات فقد على أثرها الجنيه ما يقرب من نصف قيمته مقابل الدولار، وأدى النقص في العملات الأجنبية واستمرار حالة عدم اليقين في شأن العملة إلى صعود السوق السوداء من جديد، الأمر الذي فاقم الضغط على سيولة العملات الأجنبية في النظام المصرفي.

ومنذ مارس من العام الماضي وعقب الإعلان عن هرب أموال ساخنة بقيمة تتجاوز 20 مليار دولار، شهدت مصر موجة عنيفة من شح الدولار، واعتمدت الحكومة عديداً من الإجراءات أهمها التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي وشركاء دوليين على تمويلات بقيمة تتجاوز ستة مليارات دولار، كما أعلنت تخفيضات كبيرة بقيمة الجنيه المصري مقابل الدولار ليقفز سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء من مستوى 15.77 جنيه خلال الربع الأول من العام الحالي، إلى نحو 30.85 جنيه في الوقت الحالي.

وعلى خلفية الخسائر التي تطارد الجنيه المصري من بداية العام الماضي، شهدت البلاد موجة تضخمية غير مسبوقة مع ارتفاعات قياسية في أسعار جميع السلع والخدمات، ووفق بيانات رسمية، واصل معدل التضخم السنوي ارتفاعه منذ اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية في فبراير (شباط) من العام الماضي، وسجل في يوليو الماضي أعلى مستوى له على الإطلاق عند 36.5 في المئة.

ويرى المحللون، أن التضخم قد يسجل مستوى قياسياً جديداً للشهر الثالث، ومن المتوقع أن يسجل معدل التضخم الرئيس مستوى قياسياً جديداً في أغسطس الماضي، مع استمرار التخفيضات المتتالية لقيمة الجنيه أزمة شح العملة الصعبة في التأثير في الاقتصاد، وفقاً لاستطلاع أجرته وكالة “رويترز” لآراء المحللين، وأظهر متوسط توقعات 14 محللاً اقتصادياً أن أسعار المستهلكين ستتسارع بنسبة 37.1 في المئة خلال أغسطس الماضي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى