اقتصاد دولي

مصر تخطط لإنتاج 42 في المئة من الطاقة عبر برنامجها النووي

توقع تقرير حديث أن يصل إنتاج مصر من الطاقة الجديدة والمتجددة إلى 42 في المئة من إجمالي الطاقة المولدة بحلول عام 2035، ورجح أن تلعب الطاقة النووية في مصر دوراً محورياً في مزيج من الطاقة المستقبلي، في ظل ما تتمتع به الدولة من مصادر طاقة نووية.

ووفق التقرير الصادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري تحت عنوان “الطاقة النووية… عودة الاهتمام ضمن مزيج الطاقة النظيفة”، فمن المتوقع أن تفتح محطة الضبعة النووية مجالاً جديداً لم يكن موجوداً في مصر من قبل بهذه التكنولوجيا الجديدة، وتمنح خبرات مختلفة للمهندسين والفنيين المصريين بما يعد مكسباً حقيقياً ومثالاً لنقل وتوطين التكنولوجيا النووية.

ولفت التقرير إلى المشروع النووي السلمي المصري ومراحله المختلفة، مشيراً إلى أن مصر تعد من الدول التي لها باع طويل مع الملف النووي السلمي، يعود إلى الخمسينيات من القرن الماضي، وخلال العقود الماضية مر البرنامج النووي السلمي لمصر بأوقات من المحاولة أو التعثر أو الاقتراب من التنفيذ، حتى أخذ هذا البرنامج منحنى جديداً في عام 2015، عندما اتخذت الدولة قراراً بتنفيذ أول محطة نووية سلمية في مصر “محطة الضبعة النووية”، والتي بدأ التخطيط لها منذ سبعينيات القرن الماضي. وأشار إلى أنه مع دخول المفاعلات الأربعة في محطة الضبعة للخدمة ستدخل مصر بذلك النادي النووي العالمي، لتصبح من أوائل الدول الأفريقية والعربية في امتلاك طاقة نووية للأغراض السلمية.

مصدر مهم لتوفير النقد الأجنبي وتعزيز الصادرات

ولفت التقرير إلى دوافع ومكاسب مصر من تفعيل مشروعها النووي السلمي، إذ تطمح إلى الإسهام في تحقيق مستهدفات “رؤية مصر 2030” في وقت تعول فيه على إسهام الطاقة النووية في تأمين مصادر الإمداد بالكهرباء من خلال تحقيق مزيج متوازن من مصادر الطاقة، بالتالي تحمل الطاقة النووية حافزاً اجتماعياً واقتصادياً قوياً لتحسين البنية التحتية وتحسين مستوى التنمية الحضارية داخل الدولة، فضلاً عن علاقة المشروع النووي بالوصول لهدف اقتصاد قوى ومنافس ومتنوع، إضافة إلى أن المشروع يعمل على زيادة وتيرة البحث العلمي من خلال الهيئات النووية البحثية المحلية من خلال دعم البحث العلمي في الجامعات في مجال التكنولوجيا النووية.

وتسهم الطاقة النووية في تعزيز أمن الطاقة وتحقيق التوازن البيئي والأمن المائي، إذ تبلغ السعة الإجمالية للبرنامج المستهدف لتحلية المياه في مصر باستخدام مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2025 في المرحلة الأولى نحو 3.35 مليون متر مكعب يومياً، على أن تصل إلى 8.85 مليون متر مكعب يومياً بحلول عام 2050، في ظل إسهام الطاقة النووية في زيادة أمن الطاقة واستخدامها في تحلية المياه، إلى جانب دعم مستهدفات استدامة الطاقة، إذ تبلغ القدرة المستهدفة لمحطة الضبعة النووية في مصر 4800 ميغاواط، وفي هذا الشأن تتفوق الطاقة النووية على نظيراتها من مصادر الطاقة المتجددة الأخرى من حيث الاستدامة طوال العام وعدم تأثرها بالتقلبات المناخية.

وأشار التقرير إلى رفع الاستفادة من الغاز الطبيعي كمصدر للنقد الأجنبي من خلال توفير الغاز الطبيعي المستهلك في توليد الكهرباء، والاعتماد بصورة أكبر على مصادر الطاقة المتجددة ومن بينها الطاقة النووية، مما يمنح مصر قدرة على زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي وتعزيز إيراداتها من النقد الأجنبي.

إلى جانب استهداف تحول مصر لمركز محوري للطاقة، إذ صنفت مصر في مقدمة دول المنطقة العربية في مجال توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية بقدرات إجمالية تصل إلى 3.5 غيغاواط سنوياً، وفقاً لمرصد الطاقة العالمي الصادر في يونيو (حزيران) 2022، ولضمان الحفاظ على ذلك كان من الضروري التوجه نحو الطاقة النووية السلمية كمصدر داعم لمزيج الطاقة المتجددة المحلية، بما تتميز بها من قدرات توليد أعلى.

أحد المحاور المهمة في استراتيجية التنمية المستدامة

ورجح التقرير أن يسهم المشروع في تعزيز الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة ودخول النادي النووي، إذ يمكن القول إن الوقود النووي المستخدم لتشغيل محطات الطاقة النووية مقارنة بمصادر الطاقة الهيدروكربونية لا يخضع لعمليات التقلبات في أسعار السوق العالمية، بالتالي يضمن الاستثمار في المشروعات الصناعية التي تتطلب إمدادات كهرباء مستقرة وبأسعار يمكن التنبؤ بها وجذابة لعقود قادمة، علاوة على أن محطات الطاقة النووية هي مصدر الحمل الأساس الذي يوفر الكهرباء للصناعة والسكان بغض النظر عن الطقس والظروف المناخية. وأشار إلى دعم المشروع الوطني لإنتاج الهيدروجين الأخضر، نظراً إلى ما تتسم به الطاقة النووية من قدرة مضاعفة على توليد الطاقة فإنها تعتبر مصدر للكهرباء والحرارة لإنتاج الهيدروجين بكفاءة.

واستعرض التقرير تفاصيل مراحل الإنجاز في محطة الضبعة النووية، مشيراً إلى أن هذا المشروع يعد عنصراً مهماً في استراتيجية التنمية المستدامة في مصر “رؤية مصر 2030″، ويمثل تنفيذه تتويجاً لسنوات من الجهود المصرية لإدخال الطاقة النووية السلمية إلى مصر، ويتمثل التنفيذ الفعلي لمحطة الضبعة النووية في ثلاث مراحل هي “المرحلة التحضيرية”، والتي بدأت منذ ديسمبر (كانون الأول) 2017 وتغطي الأنشطة التي تهدف إلى تجهيز وتهيئة الموقع لإنشاء المحطة النووية وتستمر لمدة عامين ونصف العام إلى أربعة أعوام”.

وأشار التقرير إلى أبرز التجارب الدولية الأكثر إنتاجاً للطاقة النووية كمصدر لتوليد الطاقة، وفي هذا الإطار استعرض تجارب كل من “الولايات المتحدة الأميركية، والتي تعد أكبر منتج للطاقة النووية في العالم، إذ تنتج نحو 30 في المئة من توليد الكهرباء النووية في جميع أنحاء العالم”، و”الصين التي تعد ثاني أكبر منتج للطاقة النووية في العالم بعد الولايات المتحدة في 2022، إذ تمتلك 51 وحدة طاقة عاملة و20 وحدة طاقة نووية قيد الإنشاء”، و”فرنسا التي تمتلك أحد أكبر برامج الطاقة النووية في العالم ونحو 56 مفاعلاً نووياً قابلاً للتشغيل بقدرة إجمالية تبلغ 61 غيغاواط”، و”روسيا التي تعد أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم، وثاني أكبر مصدر للنفط وثالث أكبر مصدر للفحم، كما أنها رابع دولة على مستوى العالم إنتاجاً للطاقة النووية في عام 2021، كما أنها سابع أكبر منتج لليورانيوم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى